فهد بن جليد
تبدو القصيم المنطقة الأبرز في المملكة التي يفهم المُقيمون فيها من (غير العرب) مُفردات أهلها دون الحاجة إلى استخدام (العربية المُكسَّرة) في الحوار معهم، وهذه ميِّزة تُحسب لأهل المنطقة، فالعامل يفهم عبارات مثل (وين هوبه) أين يقع؟، (وراوه) لماذا؟، (دوك) خُذ، (كزّوه) اجلبه ...إلخ من (اللهجة الجميلة) حتى وإن أجابك (بالعربية الركِّيكَة)!.
هذا يدل على أن اعتزاز أهل المنطقة (بلهجتهم) جعل المُقيمين فيها يتعلمونها، بل هناك من رعاة (الأغنام والإبل) من العمال الآسيويين من يحفظون القصيد، ويُطبِقون (سلُوم البادية) نتيجة تمسك (معازيبهم) بثقافتهم ولهجتهم، فلماذا نتنازل عن (لغتنا العربية) ونستسلم (للرديفة)؟!.
في معظم دول الخليج العربية خلقنا (لغة بديلة) لنتعامل بها مع السائقين والخدم والعمالة الخارجية في محاولة لإفهامهم مانُريد بأسرع وأقصر الطُرق، وهو ما أثر على تعامل هذه الجنسيات مع بعضها على طريقة (روخ) أذهب، (أيس فيه) ماذا هناك، (مافيه معلوم) لا أعلم ...إلخ، الانهزامية اللغوية أنتجت لنا جيل مُستعد للتنازل عن (هويته الثقافية) بحجة التعايش والتفاهم اللغوي، وهذا خطأ كبير لا نراه في الثقافات الأخرى، ونحتاج تصحيحة، ولو لزِّم الأمر (حملات وطنية ومُجتمعية) جادة تحت عنوان (يكفي تكسِّير) يقوم عليها متخصصون في اللغة وعلم الاجتماع!.
الأمر يتطور إلى ماهو أبعد من ذلك؟ أخبرتكم سابقاً بقصة انتظاري داخل أحد محلات (المُعجنات الشهيرة) بالرياض والتي تُجهز الطلبات عبر (الاتصال الهاتفي) لأتفاجأ بالبائع يسأل السائق الجالس بجواري وبيده فاتورة : صديق أنت (مي)..؟!.
فأجابه السائق : لا لا أنا (مدام سارة) فرد عليه (أوكيه) مدام سارة (جوا فرن) مافيه خلاص.. واتجه بنظره صوبي، فقلت له (أفا حدّك) انتبه (الله يرحم والديك) يا صديق.. (هذي فيها قبايل)!.
كثيرون لا يُدركون أن تنازلنا عن لغتنا (سيجعلنا نتنازل عن أشياء أكبر)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.