د. خيرية السقاف
«السمنة» تؤدي إلى الكسل, ونتائج الدراسة البريطانية الأخيرة جاءت بأنّ «السعوديين» ثالث أكبر شريحة بشرية في الكسل بسبب السمنة, ولأنّ السمنة بهذا تكون نتيجة الإفراط في الأكل, فإنّ المؤشر يتجه فوراً إلى العادات الغذائية السيئة التي غزت المجتمع بشرائحه, باستهلاك الأكلات السريعة, وريادة المطاعم, والإكثار من اللحوم والدهون, والألبان, والتقليل من الفاكهة والأغذية الصحية, وهناك من صور الواقع لبقايا الأطعمة ما يزيد الأدلة شواهد وبراهين, حين تحصى عدد الوجبات الفائضة الملقاة في النفايات, أو المتجهة للجمعيات الخيرية, أو المعاد تدويرها في مشاريع صغيرة انتهجها قلة من ناشطين تحركت في صدورهم نخوة الاحترام للنِّعم ليحوِّلوا فائض المسرفين لقوت الفقراء..
ومع أنّ نسبة الفقر في مجتمعنا عالية , بوجود نسبة ثراء تتجاوز الخيال في مقابل عكسي, إلاّ أنّ النسبة الوسط في المجتمع تكافح دون أن يكشف عن عجزها المادي فتلجأ للنَّهم تعويضاً غير واعٍ, فإن كانت نسبة السمنة في الجميع فذلك مؤشر إلى توجُّه المجتمع للاستهلاك في هذا الجانب أُسوة باستهلاكه الشائع في جميع الأشياء..
إذ لا أشك أنّ مجتمعنا مجتمع استهلاكي حتى في ترديده ما يسمع, وتدويره لما يقال..!!
ناهيك عن الأطعمة والسفر والشراء والأجهزة والعربات والملابس والأثاث.., وهو الآن بهذه الدراسة التي أقرّت سمنته فكسله يستهلك عافية بدنه..!!
فإن أحصينا عدد مطاعم الوجبات السريعة المنتشرة, والمقاهي التي تقدم الملذات من الكعك وأنواع الحلويات في مجتمعنا لربما وجدناه يفوق أي مكان آخر نظيرنا..
فهذا الشره, وهذا التدافع نحو الوجبات السريعة, وتغيير نظام الأكل, وعاداته, ومحتوياته الذي عم هو السبب الرئيس لأن يتزايد مؤشر السمنة, وتعلو نسب أمراضها, وتنعكس نتائجها في اكتساب سمة الكسل للمجتمع كله..!!
ما أرغب في الخلوص إليه من هذا الموضوع الذي هو من اختصاص الطب, وأمور التغذية, هو أنّ المجتمع الآن يتأهل لمرحلة جديدة من التغيير الفاعل الذي يتعين فيها أن يتحلى الفرد بصحة جيدة تمكنه من العمل, والبذل لا تقاعسه, وتبقيه في ركون إلى المقاعد, والوسائد,
وينبغي أن يعمل الفرد على نشاطه بانتقاء أنواع غذائه, وتعديل نمط سلوكه الغذائي,
ناهيك عن ضرورة تطهير بيئته من عوالق أدخنة الشواء, وآثار دهون القلي..!!
فكثير من الناس لا تلقي بالاً نحو يقينها بأنّ العافية من أمراض ناتجة عن فعل الإنسان هي شأن فردي محض بالدرجة الأولى, ومن ثم عام تؤدي إليه متغيرات الآخرين الذين يتعاملون معه ويقدمون إليه,
كذلك قد يكون لوزارة الصحة, مع الجهات الأخرى المسؤولة عن المواصفات دور, وربما أنّ في الحد من تصاريح تمكين محال الوجبات غير الصحية, وفي شروط مقننة لما يباع, ما يمنع انتشار هذه المحال, وما يمنع بيع كل ما هو مخالف لصحة سليمة..
فتلمّسوا بطونكم, وشدوا عليها بحجر!!..
وتمثّلوا حكمة أن لا يأكل المرء «حتى يجوع, وإذا أكل لا يشـبـع» بمعنى أنّ الشبع الزائد مضرّة, وقد أثبت العلم أنّ الاعتدال في الطعام أنفع للصحة, ولسلامة الأبدان
وأرى أنّ الإقلال من الأكل فيه حفز لوعي الجوارح, وشحذ الهمم, وحفظ لقدرة القوى في الإنسان.
وبالتالي يتخلص السمين من سمنته, ويلفظ كسله, ويقبل بهمة على الحياة والعمل, والإنتاج.
مجرد خيال..
لأنّ لا حياة لكسول..!!