سعود عبدالعزيز الجنيدل
قرأت سجالا حاميا، طرفاه هيئة حقوق الإنسان، وبعض مشايخ الصحوة حول زواج القاصرات.
سأعرض موقف كلا الطرفين مرجحا ما آراه.
هاجمت هيئة حقوق الإنسان «هيومان رايت ووتش» زواج القاصرات، وعدته متاجرة بالبشر، وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ودعت بشدة إلى ضرورة تحديد سن معين للزواج.
أما الطرف الآخر -وهو أحد مشايخ التيار الصحوي-، فقد هاجم هيئة حقوق الإنسان، لكونها غربية المنشأ، وهي ليست معنية بتطبيق الأحكام الشرعية، وأن الدعوة إلى نظام جديد يقنن زواج القاصرات في المملكة توجه غير رشيد، وسعي باطل…
وهي دعوة مضادة للمقصود الأعظم من النكاح في شريعة الإسلام وهو الإعفاف عن الحرام بغض البصر وتحصين الفرج….
وكل قانون يضاد حكم الشريعة ومقصودها فهو من الحكم بغير ما أنزل الله…. ومنع زواج الصغار وتحديد سن النكاح هو من تحريم الحلال…
هذا باختصار آراء الطرفين في هذه القضية، وأكاد أجزم أن المسألة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ودعوني أطرح بعض الأسئلة:
-ألا يوجد ظلم للقاصرات من هذا الزواج؟
-أي الطرفين عنده مصلحة في هذه القضية، هل هي حقوق الإنسان؟ أم الطرف الآخر؟
-ما الذي يدفع الولي لكي يزوج ابنته القاصر؟
-ما الذي يجعل كبار السن من الرجال يبحثون عن مثل هذا الزواج؟
الحقيقة أن هيئة حقوق الإنسان أصابت حين اتخذت موقفا في هذه القضية، مِن أجل القاصرات، المغلوب على أمرهن…
ولدي عدة نقاط ردا على الطرف الآخر:
-كون هيئة حقوق الإنسان غربية المنشأ، وأيضا نشأت من قِبل الإنسان لمصلحة الإنسان، فهذا لا يعد عيبا ولا خللاً، والسبب في ذلك واضح، وهو أن الدين الإسلامي لا يعارض- كما أظن - مصلحة الإنسان، فهو جاء ليصلح حياة الإنسان، فكل مصلحة وخير للإنسان تجد الإسلام دعا له، وحث عليه.
-إذا كان الغرض من هذا الزواج كما يقول الطرف الآخر هو غض البصر، وحفظ الفرج!!
هنا يتبادر لذهني عدة أسئلة:
-من الذي يحتاج لغض البصر وحفظ الفرج، هل هي هذه الطفلة القاصرة، التي قد تكون لم تبلغ بعد، أم هذا الرجل؟
-ألم يجد عنده إلا هذه الطفلة القاصرة لكي تجعله يغض بصره، ويحفظ فرجه!
-ألا يمكن أن يعد هذا الزواج مجرد مطية إلى الشهوات، فضلا عن انتهاك حرمة الطفولة؟
-هل يوجد توافق فكري، وجنسي، ونفسي، بين طفلة قاصر، ورجل كهل؟
-هل تستطيع هذه الطفلة القاصر، الاعتناء ببيتها وزوجها؟
جميع الإجابات على كل هذه الأسئلة واضحة، وأكاد أجزم أن الكثير من العقلاء يستطيع الإجابة عليها…
فإذا توصلت لهذا، فاصدع برأيك، وقله في كل منبر.
وبالنسبة للطرف الآخر، فلعله يجيب على هذا السؤال:
هل ترضى أن تزوج ابنتك (فرضا) ذات الخمسة عشر ربيعا، إلى رجل ناهز التسعين!!؟؟
هذا ما حصل للفتاة في منطقة جازان، التي لم تتمكن من العيش، معه وهربت، وتدخلت في القضية هيئة حقوق الإنسان.
كل الدعوات أن يخرج قانون يحدد سن الزواج لكي يكون كفيلا بحفظ الطفولة وبراءتها.
أما بالنسبة للطرف الآخر، الطرف الذي يريد غض البصر وحفظ الفرج، فأدعو له أن يجد امرأة في سنه أو تصغره قليلا، لكي تساعده في إعفاف نفسه، وإن لم يجد فلعله يبحث عن امرأة تكبره سنا، لكي يتحقق له ذلك!! ولكن برأيكم؛ هل سيرضى بالزواج من امرأة أكبر منه بعقدين من الزمن فضلا عن أربعة عقود؟.
إلى اللقاء.