أحمد محمد الطويان
لكل تضحية ثمن، وعندما يكون الثمن وطن آمن، تكون التضحية أكثر صدقاً من أي تضحية أخرى.. منحوا تراب الأرض دماءهم، وقدموا لوطنهم أرواحهم، ومهما كانت مرارة الفقد عند الأهل والمحبين، فإن مشاعر الفخر أعلى وأكبر.
هنا أتحدث عن شهداء وجرحى القوات العسكرية السعودية، تاريخ التضحية عريق وأصيل، منذ دخول الملك المؤسس عبدالعزيز إلى الرياض ومروراً بمعارك التوحيد، وبشهداء حرب فلسطين 1948 وحتى وقتنا الحاضر.
كيف نقول بأن التاريخ سيسجل بطولاتهم، ونحن لم ندون أو نوثق ما قام به هؤلاء؟
في كل عام يحتفي الأميريكيون على سبيل المثال بيوم يسمى «يوم الذكرى» لإحياء ذكر كل من رحلوا من أجل الوطن في يوم الاثنين الأخير من شهر مايو كل عام.. ومبادرات أخرى في الغرب والشرق، تستحضر بطولات المحاربين القدامى وعطاءاتهم.
لماذا لا يكون لدينا ذاكرة وطنية لكل من قدم روحه من أجل هذا الوطن، منذ فتح الرياض وحتى اليوم، من خلال مركز وطني يمكن تسميته «المركز الوطني للشهداء والجرحى والمحاربين القدامى» يضم متحفاً وقوائم شرف، وأفلام تفاعلية، وصوراً فوتوغرافية، وإصدارات خاصة، توثق هذه التضحيات، وتجعلها حاضرة وحية في قلوب وعقول السعوديين.
أرجو أن يلقى هذا الاقتراح استحسان الجهات المعنية، ليكون هذا المركز بتعاضد الجهود وتكاملها بين وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الحرس الوطني ووزارة الخارجية ووزارة الثقافة والإعلام ودارة الملك عبدالعزيز، معلماً وطنياً، ومزاراً ثقافياً، يغذي الوطنية ويعزز حضور من ضحوا بأرواحهم ويشعر ذويهم بالفخر.
لدينا شهداء وجرحى في كل مرحلة زمنية، ومن كافة القطاعات العسكرية، وكذلك شهداء الديبلوماسية السعودية، وجميعهم اشتركوا في صناعة إنجازات هذا الوطن، بحماية استقراره، وبصون عقيدته، واستمرارية حضوره السياسي المؤثر.
لا يمكن اختصار التضحيات الوطنية لأبناء المملكة، ولكنها رسالة للأجيال القادمة، ليعرفوا بأن لهذا الوطن رسالة أصيلة كتبت بالدماء، وبقيت في الصدور. أعرف الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة للشهداء والجرحى وذويهم، ولكن مشروع مثل الذي اقترحه في مقالي سيكون له برأيي المتواضع تأثير إيجابي في النفوس، وسيبرز هذا الاهتمام إعلامياً.
للدماء قصة عظيمة في بلادي، وتضحيات أبناء هذا البلد يحفظها التاريخ.. اكتب هذا المقال وعيني على صورة للرقيب يحيى البارقي الذي فقد بصره وتقطعت أطرافه في حرب تحرير الكويت، وقابل هذه المحنة بإبتسامة رضا وفخر.. وصور لوالد الرائد عبدالرزاق الملحم آخر شهداء عاصفة الحزم والفخر يغطي مساحات الحزن في قلوبهم.
صور أخرى كثيرة.. ومشاهد راسخة في القلوب والعقول، آن الأوان أن تظهر لنعرف قبل غيرنا شجاعتنا وقوتنا وثباتنا على الحق.
رحم الله الشهداء حفظ الله الجرحى حمى الله الجنود المقاتلين.