بناءً على المقدمات التي اتفقنا عليها في المقال السابق وبناء على حقيقة الشراكة بين المجتمع من جهة والحكومة من جهة أخرى. فإن دور المجتمع في تحقيق رؤية الحكومة 2030 دور فاعل وعلى قدر تفاعل المجتمع مع تلك الرؤية إيجابياً على قدر تحقيق أهدافها فكلنا يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف السامية، ولكن ماذا يجب على المجتمع فعله؟ ليساهم في تحقيق أهداف الرؤية.
كما أشرت في المقال الأول (رؤية المجتمع 2030 إن المجتمع يجب أن يراجع المنهجية التي يدير بها حياته وطريقة معاشه، واتفقنا أيضا أن الدين هو العامل المؤثر الفاعل الذي يؤثر جذرياً في شخصية الفرد وبالتالي يؤثر في المجتمع، إذاً لابد من مراجعة المنهجية التي نتعامل بها مع الدين وأن نجدد ليس في خطابنا وحسب بل نجدد في منهجية تفكيرنا أو منهجية تعاطينا مع الفكر الديني ومع الرسالة السماوية، التي خصنا الله بها فالدين كما اتفقنا هو محرر للعقول من سلطة الموروث السائد الذي قد يكون مغلوطا ولكن توارث هذا السائد جيلاً بعد جيل يؤدي إلى نوع من القداسة لذلك الموروث الذي هو في حقيقة الأمر ليس مقدساً، إننا حين ننظر بهذا المنظور النقدي وبمنهجيةٍ متجردةٍ وموضوعية تامة فإننا سنضع أصابعنا على مكامن الخلل في بنائنا الفكري الذي أدَّى إلى هذا التدهور وإلى هذا المستوى الذي لا يليق بنا كأمة قال عنها الله سبحانه وتعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية.
ولكي نجدِّد المنهجية الفكرية التي نفهم من خلالها الدين لابد أن نقرأ الرسالة السماوية قراءة معاصرة نستنطق آياتها لنخرج بحلولٍ لمشاكلنا المعاصرة نستلهم من آياتها نمطا معيشياً يتلائم مع نمط حياة العصر فلكل حقبة من حقب البشرية طبيعة حياتها ومتغيرات واقعها واتساع أفقها المعرفي وتطور وسائل المعيشة فيها، ولكل حقبة من حقب البشرية ما يلائمها من الفكر الذي يصنعه أبناء ذلك الجيل مستندين إلى جذور الفكر الإسلامي مستندين إلى الرسالة السماوية التي فجرت الطاقات في أرواح أجدادنا رضوان الله عليهم وخلقوا مجتمعاً يكاد يقترب من المثالية وأصبحوا سادة هذه الأرض. ألا يحق لنا أن نأمل بأن نعيد ذلك المجد! إن الدعوة إلى تجديد الفكر والخطاب الديني هي الخطوة الأولى التي نخطوها نحو تحقيق ذلك التقدم.