د. محمد عبدالله الخازم
«لماذا الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة غير مقنعة؟
لأننا خائفون من تعريف وتكوين جمعيات عمومية واضحة المعالم تتولى تأسيس أنظمتها وقراراتها..
« لماذا الجمعيات العلمية عدد بلا قيمة؟
لأننا أسسنا لها جمعيات عمومية ثم قتلناه باحتكار رئاستها للقسم الأكاديمي. نريدها جمعيات مستقلة وفي نفس الوقت تسيطر عليها الجامعة عبر الأقسام الأكاديمية..
« لماذا الأندية الرياضية تعمها الفوضى؟
لأنها تدعي وجود جمعيات عمومية، لا نعرف من يكونها وكيف يكونها، وفي النهاية يعين الرئيس بقرار فردي أو لأنه يملك المال..
« لماذا هيئة التخصصات الصحية تعاني؟
لأنها تدعي الاستقلالية عند جباية المال من الناس وتصبح حكومية عندما يتحكم وزير الصحة في تعيين أمينها وفي قراراتها..
« لماذا هيئة المحامين تترنح؟
لأنها أصبحت فرعاً من وزارة العدل ويرأسها الوزير التنفيذي للعدل، وليست مستقلة بذاتها.
« لماذا تعاني هيئة الصحفيين؟
« لماذا لم تقنعنا هيئة المهندسين؟
« لماذا تعاني بعض الجمعيات التعاونية؟
« لماذا تضيع البوصلة في الجمعيات الخيرية؟
« لماذا فشلت هيئة الاعتماد الأكاديمي؟
جميعها تدعي الاستقلالية ويصنفها البعض كمؤسسات مجتمع مدني، لكنها أسست والخوف بارز من قضية الاستقلالية فكبلت بأنظمة ومرجعيات حكومية تشوه تركيبتها المفترضة. لدينا أزمة في تعريف الاستقلالية، لدينا أزمة في تعريف العمل النقابي، ولدينا أزمة في الفصل بين مؤسسة العمل المدني المستقلة وبين الجهات الحكومية التنفيذية. باختصار، لدينا خوف من مؤسسات المجتمع المدني المستقلة...
نريد أن نشابه العالم وندخل تصنيفاته الأكاديمية فنخترع لجاناً نعتبرها -وهمياً- اتحادات وجمعيات أكاديمية وطلابية.
نريد أن نساير الأعراف الصحية العالمية فنؤسس أندية اجتماعية يديرها موظف يعينه المستشفى فنعتبرها -وهمياً- جمعيات للأطباء...
نريد مجالس بلدية مستقلة تراقب إدارة مدننا، فنبدلها بمجالس بلديات يرأسها مدير البلدية ويرجى منها مراقبة عمل البلدية...
لست ذا نظرة سلبية، و لا أنكر جهود من أشرت إليهم كأمثلة، لكنني أتساءل؛ لماذا لا نسمي الأشياء بأسمائها؟ لماذا نخاف وجود مؤسسات مجتمع مدني مستقلة، ذات جمعيات عمومية حقيقية وانتخابات حقيقية وعمل نقابي حقيقي؟
لقد وجدت النقابات مع بداية الحكم السعودي في عهد الملك عبدالعزيز-طيب الله ثراه- فلماذا تراجعت وأصبحنا نشكك في جدواها بعد سبعين عاماً وأكثر؟ لماذا نؤسس جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني مبتورة القيمة والمعنى والتركيب؟
نحن مقدمون على تحول كبير، أبرز عناوينه تشجيع القطاع الخاص وتشجيع العمل الوقفي والمجتمعي والخيري. وأهم قاطرات تنفيذه رفع كفاءة العمل الحكومي. مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية ضرورة للمساهمة في هذا الأمر، لما تقوم به أدوار رقابية ولما تسهم به في صون حقوق منسوبيها.
آن الأوان لتأسيس نماذج حقيقية للمجتمع المدني... نماذج تعكس مفهوم العمل الأهلي وتعمل في وعاء واضح من التشريعات والبيئة التي تحميها.