محمد سليمان العنقري
أقر مجلس الوزراء الموقر بجلسته الاثنين الماضي تأسيس صندوق قابض باسم صندوق الصناديق برأس مال قدره أربعة مليارات ريال سعودي للاستثمار في صناديق رأس المال الجريء والملكية الخاصة، وفق أسس تجارية لدعم وتحفيز الفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، وهو يمثل إحدى الخطوات الرئيسية المكملة لعمل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ويعد من المبادرات المهمة للنهوض بدور هذه المنشآت التي يعد التمويل الجريء أحد ركائز قيامها وتحويلها لواقع.
وبعيداً عن الأطر التنظيمية التي ستواكب تأسيس الصندوق من حيث الهيكلة والحوكمة والجهة التي ستتولى تأسيسه وهي صندوق الاستثمارات العامة بالتنسيق مع وزارة التجارة إلا ان عوامل تفعيل دوره ونجاحه بتحريك سوق تمويل هذه المنشآت يبقى هو المحك الحقيقي، فمنذ سنوات والحديث يدور حول دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي لا توظف باقتصادنا حاليا حسب بعض الاحصاءات غير المدققة الا حوالي 26% من القوى العاملة السعودية بالقطاع الخاص، وبإجمالي القوى العاملة السعودية بالقطاعين العام والخاص قد لا تتعدى النسبة10% اي حوالي 450 الف عامل سعودي تقريباً، إلا أن الوصول لأرقام دقيقة يتطلب جهداً كبيراً من هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية بعد الاستقرار من قبل الهيئة على تعريف دقيق لهذه المنشآت بحسب المعايير العالمية، وكذلك الخاصة بالاقتصاد المحلي.
ولا يمكن استيعاب الأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل سنويا بحوالي300 إلى350 الف طالب عمل الا بمجموعة حلول من اهمها المنشآت الصغيرة ودعم ريادة الاعمال، فالتمويل يعد اهم خطوات الدعم والذي ينطلق من مؤسسات مالية او شركات استثمارية متخصصة بتكوين صناديق او محافظ تستثمر بهذه المشاريع من خلال تمويلها والحصول على حصص برأس مال هذه المشاريع بخلاف طرق التمويل الاخرى لكن مع ضعف هذا الدور التمويلي من قبل تلك المؤسسات الخاصة برزت الحاجة الى دور حكومي داعم تكلل بإنشاء هذا الصندوق القابض والذي سيستثمر بالصناديق التي تتولى التمويل المباشر للمشاريع الصغيرة بما يدعم تأسيس هذه الصناديق ويقلل المخاطر عليها ويشجع على المشاركة برؤوس اموالها من قبل الافراد او المنشآت اي ان دور الصندوق يشبه الى حد ما من حيث الهدف شركات اعادة التمويل العقاري او اعادة التأمين التي تلعب دورا مهما بتنشيط حركة القطاعات التي تتخصص بدعم تمويل شركاتها التي تقود الاعمال بالسوق وكون الصندوق حكوميا فهذا سيساهم بتحريك سوق تمويل هذه المنشآت لانه سيعتمد على اجراءات تساعد على نهوض تلك المنشآت.
لكن من المهم ايجاد البيئة المناسبة لكي تنهض هذه المنشآت الصغيرة فكون الصندوق تعد وزارة التجارة والاستثمار مع صندوق الاستثمارات العامة هما من سيعمل على انشائه وتفعيل دوره فمن الضروري استثمار هذا الامر بعدة طرق كأن يقوم صندوق الاستثمارات بإشراك الشركات الضخمة التي يستثمر بها كسابك والاتصالات ومعادن والبنوك والاسمنتات وغيرها بدعم هذه المنشآت بشراء منتجاتها وخدماتها ووضع المعايير والمواصفات الخاصة بما يطلب منها لمساعدتها على النجاح بتخصيص نسبة من مشترياتهم من المنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك فإن لوزارة التجارة دورمهم بايجاد بيئة تنظيمية تحقق ظروف مناسبة لقطاع الاعمال يشرك تلك المنشآت بالسوق ويعزز تنافسيتها، اما بقية الادوار فهي لدى وزارة العمل لدعم تلك المنشآت بأنظمة تحد من المنافسة غير العادلة بسوق العمل مع ملاك تلك المنشآت، كما يحدث حالياً بالتوطين الموجه وايضا وزارات كالصحة والتعليم التي تستهلك الكثير من السلع والخدمات التي يمكن للمنشآت الصغيرة توفيرها، وكذلك المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بدعم التأهيل للكوادر البشرية الراغبة بفتح مشاريع صغيرة ومتوسطة سواء بالتأهيل الاداري او المالي او الفني بحسب نوعية المشاريع.
إطلاق صندوق قابض حكومي لتمويل هذا القطاع خطوة كانت منتظرة لايجاد حل لمشكلة التمويل والتي ستساعد على اقبال المؤسسات المالية بشكل خاص لرفع حجم تمويل هذه المشاريع والذي اذا نجح كبرنامج عام برفع مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالناتج المحلي وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد فسيكون له مردود ايجابي كبير بتقليل الواردات وزيادة التوظيف لكن يبقى للاجراءات الرئيسية الاخرى من بقية الجهات الحكومية والشركات الكبرى الدور الابرز لتحقيق الاهداف المعلنة لرفع مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة عالية بالناتج المحلي ليمثل حوالي 35% منه حسب خطة التحول ورؤية 2030م.