سعد بن عبدالقادر القويعي
لم تكن مطالبة القوى الوطنيّة الأحوازيّة للقمة العربية - الأخيرة -، والمنعقدة في نواكشوط، بإدراج القضيّة العربيّة الأحوازيّة على جدول أعمال القمّة العربيّة الحالية، وضرورة مواجهة القمع المسلح الذي تمارسه إيران ضد مطالب الأحواز بالتمتع بالحريّة، والعدالة، والاستقرار، والاستقلال، سوى التأكيد على بشاعة تغيير إيران للمركز القانوني لدولة الأحواز العربيّة، وذلك بموجب حرب عدوانيّة محرّمة، وغير مشروعة عام 1925م، فأخضعت الأحواز بالقوّة العسكريّة إلى سيادتها، بعد أن كانت قد اعترفت بها.
تتمتع أرض الأحواز على مر العصور بوجود كيان عربي مستقل، ابتداءً بالدولة العيلاميّة - منذ أكثر من 5 آلاف سنة -، ومرورًا بخضوعها للحكم العربي المتمثّل في الإمبراطوريّات السومريّة، والبابليّة، والدولة العربيّة الإسلاميّة، والدولة المشعشعيّة - في أواخر القرن الـ 15-، وانتهاءً بإمارة عربستان التي بسطت سيادتها الكاملة على الإقليم حتى عام 1925 م، - ومنذ ذلك التاريخ - والشعب العربي الأحوازي البالغ تعداده 12 مليون نسمة، يعاني شتّى صنوف القهر، والاضطهاد، والعنصريّة، والحرمان، والتنكيل؛ فالمظلومية التاريخية الكبرى للشعب الأحوازي، تضاهي المظلومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مع أنه كان من السهل جداً الالتفاف على الداخل الإيراني ضمن إستراتيجية طويلة؛ من أجل ضمان تفكيكها.
عبثت اليد الإيرانية في كثير من المناطق العربية، وأذكت فيها نار الفتن، والحروب، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: انتزاع الهوية القومية للأحوازيين العرب، وإلغاء خصوصيتهم الثقافية، وصهر عروبتهم في بوتقة قومية فارسية، مشبعة بالتعصب ضد كل ما هو عربي، وفرض سياسة تفريس الأحواز، وتغيير أسماء المدن، والقرى الأحوازية من العربية إلى الفارسية، ومنع الشعب العربي الأحوازي من التعلم باللغة العربية، وإجباره على التعلم باللغة الفارسية، ومنع ارتداء الملابس العربية في الدوائر الحكومية، ومنع العرب تسمية أطفالهم بأسماء عربية.
الصمت إقرار بالواقع، واستمرار بقاء الوضع الراهن في الأحواز على ما هو عليه، سيشكل خطورة بالغة على استقرار المنطقة برمتها، - وخصوصاً - أن الدولة الإيرانيّة تستغل هذا الإقليم الحيوي، الذي يشكل الجسر الرابط بين الوطن العربي، وآسيا؛ لأغراض عدائية تجاه الوطن العربي - عامةً -؛ ولأن القضايا لا تتجزأ، فإن الموقف العربي يجب أن يكون موقفاً موحداً باتجاه كل القضايا العربية، ومن ذلك: القضية الأحوازية، إذ من السهل قلب المعادلات مع إيران بفهم طبيعة داخلها؛ الأمر الذي يستلزم تقديم المساعدات العربيّة، والدوليّة في سبيل دعم قدرة شعب الأحواز في المطالبة بالحريّة، والاستقرار، والتي تعتبر أمرًا مشروعًا، وذلك من خلال تبني قضيتهم عربياً، وقبولها كدولة عربية محتلة من قبل الفرس، والعمل على مساعدة الأحواز على سرعة طرح القضية الأحوازية، وتعريفها للشارع العربي، ومطالبة إيران باحترام الحقوق المدنية، والسياسية، والكف عن استمرارها بالتعسف، والاضطهاد المستمر للشعب الأحوازي وفق القوانين، والأعراف الدولية.