سمر المقرن
للإنسان وحده القدرة على تحمل المسؤولية كما جاء في الآية الكريمة بشكل صريح: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ }.. لكن تبقى قُدرات البشر مختلفة ومتفاوتة في تحمل هذه المسؤولية، ويظل هناك أفراد يتهربون منها وهم من تظهر لديهم صفة إلقاء اللوم على كل الأشياء من حولهم، بحيث دائماً يبحثون عن تبرير لأي سلوك أو فشل أنهم بعيدون عنه وأن هناك أسباب أخرى لا دخل لهم فيها هي السبب في هذا الاخفاق أو الفشل!
برأيي أن هذه النوعية من البشر من الصعب التعايش معهم، لأن الحياة معهم لا يُمكن أن تقوم على التكامل الذي يحتاجه كل منّا، فكل شخص يُكمل الآخر، وهؤلاء جزء مُعطل تبقى نظرتهم للحياة مرتكزة على ناحيتن، الأولى: غريزية.. بحيث يتصفون بالنهم على الأمور الغريزية والحاجات الأولية، ويشعر من يتعايش معهم بعدم قدرتهم على تهذيبها. أما الثانية: مادية.. بحيث يعتقدون أن الحل الوحيد لكل مشاكل الحياة هو المادة. نعم أؤمن بأن المادة تحل جزءا من المشاكل لكنها ليست العامل الرئيسي في التعاطي الإنساني للمشكلات.
هؤلاء أيضاً يفتقدون إلى النظرة للمستقبل، وتبقى نظرتهم محصورة بالتخطيط للمستقبل من الناحية المادية، وهذا ما يجعلهم يفتقدون الحياة العاطفية التي لا تتجاوز الحياة الجنسية بنظرهم!
يتصف هؤلاء كذلك برفض التغيير، فهم -كما يرون أنفسهم- أفضل الناس وأحسنهم لأنهم لا يشعرون بعيوبهم، بل يعتقدون أن الله خلقهم بلا عيوب، لذا لا شيء لديهم يحتاج إلى التغيير، ويؤمنون بأن الآخرين هم من يجب أن يتغيروا لأنهم مليئون بالعيوب!
إن البحث عن الكمال، و(الكمال لله وحده) هو شيء جيّد ومطلوب، لكن تلك النوعية من الناس الذين تحدثت عنهم أعلاه هم لا يبحثون عن الكمال لأنه في اعتقادهم قد وصلوا إليه دون تعب، بينما الحديث عن الكمال يُذكرني هنا بنظرية (الكمالية) الفلسفية، التي ترتكز على قوة الإرادة عند نيتشة، أو بالعقل كما هو عند أرسطو الذي أشترط الكمال بتأدية الوظيفة العقلية والتأمل العقلي.
بشكل عام، لا يوجد إنسان كامل، بل حتى الأنبياء والرسل لم يُمنحوا صفة الكمال لأنها تخص الله -سبحانه وتعالى- وحده، ومن يعتقد من البشر أنه كامل، فهذه صفة لن تؤذيه وحده، بل إنها تؤذي من حوله أكثر منه، لأنه سيظل يُلقي بالمسؤولية على غيره وستحمل الأطراف التي تعيش أو تتعامل معه هذا الثقل الذي كان ينبغي أن يشاركهم حمله!