د. صالح بكر الطيار
ينتظر مئات الآلاف من الطلاب والطالبات هذه الأيام نتائج قبولهم في عشرات الجامعات السعودية منتظرين حلم سنوات في الالتحاق بمقعد جامعي لإكمال مسيرة التعليم العالي.. يأتي ذلك وقد وفرت الدولة كل سبل التعليم للشاب والفتاة وباتت الجامعات والكليات تملأ الوطن الحبيب في كل اتجاهاته الأربعة في تخصصات عدة تتيح لطالب أو طالبة القبول أن يختار تخصصه بعناية تامة. إن وجود جامعات ضخمة في المناطق والمحافظات وفر كثيرًا من مصاريف السفر والاغتراب وأيضًا الجهد في ذهاب الطالب أو الطالبة ليلتحق بجامعة بعيدة عن مسكنه فأصبح معظم الطلاب والطالبات يلتحقون في الجامعة أو الكلية في مدينته لذا وفر على أسرته مصروفات السكن وأسهم ذلك أيضًا في توفير بيئة مناسبة ومثلى كي تتابع الأسرة مسيرة ابنها أو ابنتها في الجامعة كي تطلع من على قرب على دوامه ومناهجه وتحصيله، لذا فإن هذا التخطيط في ارتفاع عدد الجامعات والكليات وشمولها بتخطيط جغرافي لتصل إلى كل أرجاء الوطن حتى الحدود والأطراف أسهم في رقي ونماء التعليم.
إن وجود هذه التنمية الكبرى من التعليم والنقلة العظيمة التي شهدها التعليم العالي خلال السنوات العشر الأخيرة أسهم في نقلة نوعية لتطوير التعليم والوصول إلى تحقيق التنمية المستدامة والأهداف المرجوة في الخطط التي أعدت في هذا الجانب.
ولكن هنالك عدة عوائق تتعلق بالمواءمة بين التخطيط والمستقبل تتعلق بأهمية وجود دراسات مستمرة لمخرجات تلك الجامعات ومدى تواؤم التخصصات المطروحة ومدى حاجة سوق العمل وإعداد تخطيط لاحق يدرس بعمق ودقة وفق لغة الأرقام والنتائج للمقارنة بين ما تم توفيره من مصروفات مالية في الجامعات وما تم توفيره من تخصصات وحاجة سوق العمل لمئات الآلاف من الخريجين وللخريجات سنويًا ومدى ارتباط ذلك بمعدل البطالة وفق النسب الإحصائية حتى يستمر التخطيط بطريقة مؤسساتية.
هنالك تخصصات يجب أن تغلق نظرًا لعدم جدواها في التوظيف في القطاع التعليمي أو الحكومي وحتى الخاص وهنالك تخصصات تحتاج أن تكون في هيئة تخصصات تفصيلية أكثر دقة حتى يستوعب سوق العمل خريجيها خصوصًا أننا أمام مشروع الرؤية السعودية 2030 ومن المهم جدًا أن يكون لدينا أرضية خصبة لتوفير استراتيجيات للاقتصاد المعرفي الذي سيشكل ركنًا من أركان نجاح التنمية أتمنى من وزارات التعليم والعمل والخدمة المدنية والتخطيط أن يشكلوا لجانًا لدراسة التخصصات الجامعية القديمة والحاضرة وأن يكون هنالك تخطيط مستفيض لما تتطلبه المرحلة المقبلة من تخصصات توائم سوق العمل وتخريج دفعات على قدر عالٍ من الكفاءة ومن التعليم المعتمد على التخصص الدقيق وأن يتم دراسة افتتاح تخصصات جديدة وفق دراسات شاملة للخطط التنموية والمستقبل الذي يحتاج إليه الوطن والمواطن.