صديقان شاءت إرادة الله أن تنشأ بينهما صداقة أخوية، أساسها اتفاق على الإعجاب بشخصيتَيْهما في المجتمع. الأول يسكن العاصمة المزعجة بزحامها وتهوُّر سائقيها وجهل السائقين الوافدين بأنظمة السير والمرور والقيادة المثلى، والثاني يسكن في منطقة تابعة للعاصمة الرياض إداريًّا، تبعد عن العاصمة قرابة 190 كيلومترًا.
بدأت العلاقة بين الصديقين بالرسائل المكتوبة، ثم تطورت للاتصال عبر الهاتف الثابت إلى أن تم اللقاء المباشر بزيارة الثاني للأول بالرياض، ثم قام الأول برد الزيارة؛ لتتطور العلاقة والصداقة لتبادل الزيارات الطويلة؛ إذ يمكث الواحد منهما لدى الثاني ثلاثة أيام محاطًا بالتقدير والاحترام وكرم الضيافة الأصيل..
تشوب العلاقة أحيانًا اختلافات في وجهات النظر، أو تقصير غير مقصود، لكن لتنازل أحدهما تسير الأمور كما ينبغي، وسرعان ما يزول الخلاف لنقاء وصفاء القلوب والتسامح السريع. تميز الصديق الأول بإحساس وحدس قوي؛ إذ كان يحس بتوفيق من الله أن صديقه موجود بالرياض، ولم يخبره إما لمشاغل أو لارتباطات عائلية..
لكن الأول يفاجئه باتصال يقول له: أنت موجود بالرياض!! لماذا لم تخبرني لكي أستقبلك وأراك؟؟ فيعتذر الصديق الثاني، لكنه منبهر؛ كيف عرف صديقه أنه موجود بالرياض وهو لم يخبر أحدًا على صلة بالصديق؟!
يظل الصديق الثاني مذهولاً يفكر كثيرًا؛ لكي يتوصل لسر معرفة صديقه بالرياض أكثر من مرة. الشيء الطريف والمذهل أكثر هو أن الصديق الأول تطور توقعه ومعرفته بوصول صديقه من الاتصال وإخباره أبنه يعرف أنه بالرياض إلى الالتقاء به وجهًا لوجه في الرياض دون سابق اتفاق؛ إذ كان الصديق الثاني في إحدى المرات في زيارة للرياض من أجل زيارة المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وإذا به فجأة يسمع صوت صديقه يقول: أبو ناصر، ألم أبلغك أنك لن تستطيع الحضور للرياض إلا وسوف أعرف ذلك. هنا تسمر الصديق؛ لا يعرف ماذا يقول؛ فهو في حيرة من أمره؛ بماذا يرد؟ وماذا يقول؟..
فتارة يبتسم، وتارة أخرى يصمت ويسرح في تفكير عميق، ثم يقول بالله عليك هل أنت مجند أشخاصًا لمراقبتي أم ماذا؟ بالله عليك كيف تعرف بوجودي قبل أن أخبرك؟ ويرد الصديق بأنها إرادة الله، ثم إحساسي بك وحبي لك هما اللذان يجعلاني أعرف ذلك، فعليك الانتباه؛ لأنك حتى لو ذهبت للخارج سوف أعرف ذلك، وقد تجدني أمامك. فلا تستغرب، هي إلهام من الله سبحانه وتعالى..
- محمد عبدالعزيز اليحيا
Mhd1999@hotmail.com