يوسف بن محمد العتيق
لا يكاد يوجد معني بالتراث والتاريخ والكتاب القديم النادر أو المخطوط والتحف والمقتنيات القديمة منذ السبعينات الهجرية، وحتى قبل سنوات قليلة إلا وله صولات وجولات في حراج ابن قاسم، السوق الأبرز في بيع المقتنيات القديمة والمستعملة أو التالفة والخردة بأنواعها.
في هذا الحراج قُدِّم الكثير من المخطوطات النادرة والكتب الثمينة، بل وبِيعت في جنباته مكتبات كاملة إما لاحتياج أصحابها أو وفاتهم ثم قرر الوراثة بيعها بسعر زهيد كون بعضهم لا يهتم للكتاب.
يحدثني الوراق المعرف أحمد كلاس عيسى - شفاه الله - وهو من قدامى رواد هذا الحراج أنه امتهن بيع وشراء الكتب في هذا الحراج، ومن أغرب وأطرف ما مرَّ به أن ذات يوم وجد مقيماً من (الخواجات) قرر بيع كتبه لمغادرته السعودية، يقول كلاس «فاشتريت المكتبة وحين بدأت تصفح الكتب وجدت أمراً غريباً، وهو أن هذا الخواجه حين يقرأ الكتاب وتقف به القراءة في منتصف الكتاب أو آخره، وحتى يستطيع العودة لهذه الصفحة ولا ينساها، فإنه لا يضع ورقة للتذكير، بل يضع نقوداً، ولعل هذا الخواجه من النوع الذي ينسى، فقد وضع في العديد من الكتب الكثير من النقود لتذكره بآخر صفحة وقف عليها عند القراءة وهكذا»... الشاهد أن الوراق كلاس استفاد من هذه البيعة أضعافاً مضاعفة.
ومثل هذه القصة يروى عن من اشترى مكتبة قديمة من الحراج فوجد فيها مخطوطات قديمة ونادرة لا تقدر قيمتها بثمن، ومثل ذلك عشاق التحف والنوادر فإنهم يجدون بين جنبات هذا الحراج الشيء الكثير.
وهنا نسأل: ألا يستحق هذا الحراج لمسة وفاء من بعض من عاش أزهى عصوره فيكتب عنه وتاريخه، وبخاصة أن حراج ابن قاسم خف توهجه الروحاني في نفوس بعضهم بعد أن انتقل على مقر جديد أكثر تنظيماً وأكثر عصرية، فذهبت لدى البعض روحانيته المرتبطة بحد كبير بعشوائيته.
ومن الجوانب المهمة عند توثيق تاريخ هذا الحراج الحديث عن ابن قاسم نفسه الذي ينسب إليه هذا الحراج.