جمعني وأحد الإخوة مجلس من مجالس العلم، فتحدثنا عن العلم وحملته، ثم استرسل الحديث عن سيرة بعض العلماء وأثرهم الحسن، وبينت له أن هذه البلاد المباركة بعامة، قيض الله من نسائم العلم ومدارسه ما حفظ لها به دينها، وإن تباينت تلك المدارس في أثرها على مجتمعها، فهم درجات عند الله وعند خلقه، وعرجت في حديثي على الديار النجدية وما وعت، معددًا لهذا المستمع جملة من البيوت العلمية ضم بعضها عددًا من العلماء وطلبة العلم، وكان من نتاجها مدارس علمية تخرج جملة من حملة العلم، فاستكبر مقالتي في أن تكون بتلك السعة، وعذرته بعدما عذلته على جفائه في تتبع سير سلفه الصالح، وهذه بلية في أبناء العصر، ممن يغمط قومه الفضل. وحيث إن ذلك الأخ وقف عند علمه، وقد أحسن من انتهى إلى ما علم، فعددت له جملة من بيوت العلم في المجمعة وإقليم سدير ومنها بيت آل شبانة ومنهم آل عبد الجبار، فقد نبغ منهم علماء كبار، وحسبك ابن بشر الذي عد في مقام واحد تسعة علماء كلهم صالح للقضاء والفتوى(1)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ومثله بيت آل عبيد في جلاجل، فقد ظهر منهم قضاة وكتاب، وكذلك بيت آل العتيقي في حرمة ثم في المجمعة، فقد نبغ منهم علماء كبار، ومنهم من سكن الكويت وفيهم من أهل العلم والوزارة(2). ثم عرَّجت على بيت الفاخري في حرمة، ورأيت أن أجلي له الصورة بذكر عددٍ من أعلامها، حيث أغفلهم بعض الباحثين. ولعلي في مقام آخر أجيل الطرف في تتبع تلك البيوت العلمية وتسمية مدارسهم، ليعلم أهل الحاضر صورة مشرقة لما كان عليه سلفهم، وقد مرَّ بي من أعلام أسرة الفاخري جملة بين مؤرخ وعالم وخطيب وكاتب أو صاحب مدرسة، وسوف أكتفي في هذه العجالة بذكر أربعة من أنبههم ذكرًا، ثلاثة منهم لم يترجم لهم وهم:
أولًا: محمد بن عمر الفاخري: (1186 - 1277)،
هو الشيخ المؤرخ محمد بن عمر بن محمد بن حسن بن محمد بن فاخر (الذي تنسب إليه الأسرة) بن حسن الوهبي التميمي، هكذا استمليت عمود النسب من حفيده الثاني الشيخ المعمر عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن المؤرخ محمد بن عمر الفاخري(3).
ولد في بلدته الأولى التويم سنة 1186هـ، وتفقه بأبيه الذي كان إمامًا وخطيبًا في جامع التويم، وبعد وفاة والده سنة 1222هـ انتقل إلى الدرعية، وأخذ عن أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن كان فيها من العلماء، وفي عام 1253هـ سكن حرمة ووَلي خطابة جامعها وإمامته، وكان حسن الخط، فائق الضبط، كتب لنفسه كتبًا كثيرة، وله تعليقات على عامة كتبه، وقد عُرفت ثلة من البيت الفاخري بطلب العلم والاشتغال به وقرض الشعر. سمعتُ الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التويجري - وهو وأخوه الشيخ العلامة حمود من أسباط المؤرخ الفاخري - يقول: إن والدي لما تزوج والدتي كان يرجو الله أن يكون أولاده طلبة علم.
عُرف الفاخري بتاريخه الذي نُسب إليه، ولا ينفك عنه من له عناية بالتاريخ النجدي، ويرى عبد الرحمن بن عبد الله التويجري أن تاريخ إبراهيم بن عيسى المسمى (تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد) كله أو أكثره مستقى من تاريخ الفاخري (4).
قال الشيخ عبد الله بن بسام واصفًا تاريخ الفاخري في ترجمته بعد أن بين أن تاريخه يعد من أكبر مصادر ابن بشر وابن عيسى: ((وهو العمدة لتاريخ نجد على اختصاره))(5).
وتاريخه على اقتضابه في تناول الأحداث يعد من أجمع التواريخ في عصره، ناهيك أن هناك وقائع بين عامي (1123 - 1157) كان له بها أثرة عن سواه من المؤرخين، ولولا تدوينه لها لذهبت(6)!
وفيه مواطن تدل على إلمامه بحوادث بعيدة عن نجد، مما يدل على اطلاعه وتتبعه، ومن قرأ كتابته للوقائع السعودية وحديثه عن الأئمة وما اعتراها من أحداث عرف حَدَبه وصدقَ ولائه.
ولي على هذا التاريخ عرض عن خصائصه ومناقبه لعلي أن أبسطه في مقام آخر.
ويظهر أن الفاخري كان له ذائقة ومشاركة في أبواب شتى من العلم غير التاريخ، مما يدل على ملكته وجودة قريحته، فنراه قد عمد إلى كتاب حياة الحيوان لمحمد بن موسى الدميري (ت 808) فاختصره وهذبه، وهو كتاب حافل، جمع فيه مؤلفه من كل باب، ويحتاج إلى غربلة وتهذيب، ولذا تناوله العلماء بالنقد، لما فيه من الهنات البينات، قال عنه العلامة الشوكاني: (فيه مناكير!)(7).
وإخال الفاخري لديه القدرة على ذلك، قال في مقدمة مختصره: (الحمد لله، لما وقفت على الكتاب الموسوم بحياة الحيوان، رأيت فيه فوائد كثيرة وأحاديث وأخبارًا صحيحة شهيرة، قصرت الهمة عن إحصائها، واعترفت النفس بعدم استقصائها، فأخذت منها ما فيه كفاية ومقنع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال ذلك كاتبه محمد بن عمر الفاخري، في شهر شوال من شهور سنة الأربعين بعد المائتين والألف..)(8).
وكان مع درايته الشرعية وعنايته بالتاريخ، له عناية بالأدب وقرض الشعر، أرَّخ استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية بقوله:
عام به الناس جالوا حسبما جالوا
ونال منا الأعادي فيه ما نالوا
قال الأخلاء: أرخه فقلت لهم
أرخت قالوا: بماذا؟ قلت غربال!
وذلك بحساب الجُمّل للفظة: غِرْبال، فتكون النكسة سنة 1233هـ.
ولما مات ابنه البكر عمر الذي قرأ القرآن عن ظهر قلب، وعمره تسع سنين رثاه واصفًا حزنه فقال:
ألفتُ القبور وأهل القبور
وذكر القبور وتعدادها
أردّدُ من دمعتي عبرة
يشق على النفس تردادها
ويبدو أن هذا الصبي قد ألبَّ بِلُبِّه فرثاه بقصيدة أخرى منها:
يقول تناسه من لم يلده
فأعجب ما يقول من العُجاب!
وكيف أطيق أن أنسى صبيًا
يقطع ذكره برد الشراب؟!
ولم يرفع قلمه عن الكتابة في تاريخه، إذ أرّخ وقائع الشهر الذي لحق فيه بربه، وهو شهر جمادى الأولى عام 1277هـ. وكأن الأول عناه بقوله:
مازلت تدأب في التاريخ مجتهدًا
حتى رأيتك في التاريخ مكتوبًا!
وعمره واحد وتسعون عامًا، ودفن في حرمة، في مقبرتها (غُبَيَّة) ولا زال يدفن فيها إلى اليوم(9).
ثانيًا: عبد الله الفاخري: (ت 1320 تقريبًا).
هو عبد الله بن محمد بن عمر الفاخري، أما والده فهو الشيخ المؤرخ محمد بن عمر الذي مرت بك ترجمته، وهو الذي انتقل من التويم إلى حرمة سنة 1253هـ واتخذها وطنًا، ولا نعلم أين ولد ابنه عبد الله هذا؟ ولعله ولد في التويم، إذ إن والده كان قد تزوج هناك، ومات ابنه الأكبر عمر الأول صغيرًا في التويم قبل انتقاله إلى حرمة باثنتي عشرة سنة، وقد درس عبد الله على والده وأخذ عنه كثيرًا، وتأدب به، وكان والده عالمًا مؤرخًا شاعرًا، كما أخذ عن آخرين في المجمعة منهم الشيخ إبراهيم بن محمد العتيقي، والشيخ عثمان ابن علي بن عيسى، وكان لعبد الله عناية بالكتابة والنسخ كما أن خطه فائق الضبط، وكان نسابة أديباً(10)، وبعد وفاة والده المؤرخ سنة 1277هـ شرع في إكمال تاريخه مبتدئًا عمله بتاريخ وفاة والده من غير أن يعرف به، مكتفيًا بتأريخ وفاته(11)! وأرّخ لإحدى عشرة سنة فبلغ سنة 1288هـ(12)، علمًا أن وفاته تأخرت عن هذا التاريخ، فقد رأيت وثيقة كتبها عام 1311هـ، وقد أخبرني حفيده وسميّه، الشيخ المعمر عبد الله الفاخري أن وفاته كانت قريبًا من عام 1320هـ، ولا ندري هل وقف عن الكتابة، أم أنه كتب تتمة ليلحقها ثم فقدت؟! ناهيك أن تلك الحقبة التي تركها كانت مليئة بالأحداث السياسية، وثمة وفيات لم تقيد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
1مات الشيخ عبد الله في حرمة ودفن في مقبرتها (غُبَيَّة)، وبه انحصرت ذرية والده المؤرخ، فآل الفاخري الموجودون الآن هم ذرية عبد الله(13).
ثالثًا: عمر بن محمد الفاخري (ت 1300تقريبًا).
هو الشيخ الكاتب الثبت عمر ابن المؤرخ الشيخ محمد بن عمر الفاخري، وقد سمي باسم أخيه الذي هو بكر أبيه وتوفي صغيرًا، وقد مر ذكره في ترجمة والده آنفًا، وعمر هذا يطهر أنه أكبر من أخيه عبد الله - متمم التاريخ - ويظهر أن عمر درس على أبيه، وأخذ عن قضاة عصره، ولم يتبين لي تاريخ وفاته إلا أني استقرأت كتاباته الشرعية فرأيتها قد انقطعت مع مطلع القرن الرابع عشر الهجري، فتكون وفاته متقدمة، وقد رأيت وثائق عدة كتبها والده يجعل عمر فيها أحد الشهود، وأفادني الشيخ عبد الله الفاخري أن عمر هذا قد أسس كتاباً (أي مدرسة) في حرمة فكان يقرئ الطلاب، وكان ألثغَ ينطق الراء غينًا.
ومما يشكر لعمر كثرة الوثائق التي حررها للناس، من وصايا ومبايعات وعقود شرعية اطلعت على جملة كبيرة منها تدل على أن لديه ملكة فقهية، وذلك من خلال الشروط التي ترد في الوصايا وعقود البيع وفي جهات العصبات مما يحرره من ولاية أوقاف، أو وصاية على قاصر، وهذه تتطلب كاتبًا ملمًا بأحكامها الشرعية، فهو كاتب معتد به عند القضاة والحكام، فهو بمنزلة كتاب العدل في مصطلح أهل العصر، ولذا فقد جاءت كتاباته الشرعية محررة لا يقفوها عاقب أو يتتبعها ناقد!
ولعل وفاته آخر القرن الثالث عشر، وليس له عقب.
رابعًا: الشيخ عبد الله الفاخري (1324 - 1434).
هو الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن الشيخ المؤرخ محمد بن عمر الفاخري، ولد في حرمة، وكانت وفاة والده سنة 1329(14)، وعمره ست سنين، فتعلم القراءة والكتابة وأتقن قراءة القرآن الكريم، وشرع في القراءة على الشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز العنقري (ت1373) في المجمعة وشدا منه ما تيسر، وكان طُلَعة يحب الرحلة، فأم القصيم وحضر القراءة على الشيخ عمر ابن محمد بن سليم (ت1362)، وكان مترجمنا ذكيًا حسن الآلة في التحصيل ولو لزم هؤلاء لنبغ، ولله الأمر!
ثم اشتغل بالتجارة فذهب إلى الحجاز، وفي عام 1352 ذهب إلى الكويت وفتح دكانًا وكان ينتاب الزبير، ويرتاد مجلسه من يأنس به ويفضي إليه بأخباره وأسماره(15).
وكان يقرض الشعر ويحفظ كثيرًا منه، إلا أنه لا يحرص على تدوينه، وبينه وبين الشاعر الشهير المفوه سليمان بن علي (ت1389) صحبة، وربما أفضى إليه بكثير من أخباره ومناسبات قصائده الشهيرة، سمعت بعضها من الشيخ عبد الله الفاخري.
وله مجلس من كل أسبوع مغرب كل جمعة يرتاده ثلة من أهل وده، ومنهم ابن عمته الشيخ القاضي عبد الله بن عبد العزيز بن عيدان (ت1407) والشيخ حمود بن عبد الله التويجري (ت1413)، وهو ابن أخته، وكان الفاخري في سمته ودله أشبه شيء بأهل العلم، ويحوط مجلسه عن ما لا يحسن، فلا يُسفُّ في رواية أو يقول هَجْرًا، وكان عفَّ اللسان، وإنما يذكر فوائد تاريخيه أو وقائع في البلاد النجدية، ويسوق أخبارًا نفيسة مما شهده في عمره الممتد أو رواه عن الثقات، وكان يحفظ من الشعر كثيرًا مما ذهب رواته، ولم أجده عند غيره، وأسيت طويلاً على مقطوعات سمعتها منه لم تدون، ذهبت بوفاته!(16)، وكان حسن العرض والاصطفاء لها، وقد كنت أغشى بعض تلك المجالس وأستملي منه بعض الفوائد، وألقي عليه بعض السؤالات في التاريخ والأنساب، فأجد بغيتي، وقيدت عنه فوائد نفيسة عدة، وأخبرني - مرة - أنه يدون بعض الوقائع، ولولا مزيد احتشامه وإقباله على خاصة نفسه لانتفع به خلق(17).
وممن روى عنه ابن أخته الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التويجري (ت 1416)(18) والأستاذ عبد الله بن عبد المحسن الماضي(19).
توفي في شهر ذي القعدة عام 1434 عن مائة وعشر سنين، وبوفاته صوَّحّت كثيرٌ من مجالس الرواية والأخبار.
... ... ...
(1) ينظر: عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن بشر: 2/55 وما بعدها. الطبعة الرابعة، دارة الملك عبد العزيز 1404
(2) وقد كتب د. عماد العتيقي مقالاً مطولاً عن أعلام أسرته، تتبع فيه جملة من علمائها. ينظر: مجلة الدارة العدد الرابع، السنة الخامسة والعشرون 1420.
(3 ) ينظر: كنز الأنساب، حمد الحقيل : 193. الطبعة الرابعة عشرة 1422. وقد وقع عند ابن بسام في ترجمته له تقديم وتأخير في عمود النسب: علماء نجد خلال ثمانية قرون: 6/246.
(4 ) ينظر:الإفادات عن ما في تراجم علماء نجد لابن بسام من التنبيهات، عبد الرحمن التويجري 38. الطبعة الأولى 1411.
(5) علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله بن بسام:6/247.
( 6) ينظر:مقدمة محقق تاريخ الفاخري 14 طبعة دارة الملك عبد العزيز 1419.
(7) ينظر: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، محمد بن علي الشوكاني 2/272. دار الكتاب الإسلامي.
( 8) ينظر: نوادر المخطوطات السعودية، إعداد الأستاذين أيمن بن عبد الرحمن الحنيحن وسعد العبد اللطيف.
(9) من مراجع الترجمة: مجالس عدة مع الحفيد الثاني للمؤرخ، الشيخ المعمر عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن المؤرخ محمد بن عمر الفاخري، وينظر منطقة سدير في عهد الدولة السعودية الأولى تأليف د. عبد الله التركي 269، إصدار دارة الملك عبد العزيز 1426.
(10) ينظر: روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، 2/227، الطبعة الثالثة 1410.
(11) وكذلك فعل د. عبدالله الشبل في تحقيقه لهذا التاريخ، فلم يترجم لعبد الله، مكمل التاريخ!
(12) وهِمَ الشيخان عبد الله بن خميس ومحمد بن عثمان القاضي، فظنا مكمل التاريخ عمر، شقيق عبد الله، والصواب ما رأيت! روضة الناظرين: 2/227 وتاريخ اليمامة: 5/231. وقد اطلع الشيخ حمود بن عبد الله التويجري على زيادة عبد الله المكملة لتاريخ والده، ورآها بخط يده. نقل ذلك عنه أخوه عبد الرحمن انظر: الإفادات: 168.
(13) رواية شفوية في مجالس عدة مع حفيده الشيخ المعمر عبد الله بن محمد بن عبد الله الفاخري..
(14) كان بين وفاته ووفاة والده مائة وخمس سنين، وهذه من النوادر، فلا أعلم أحدًا في السير اتفق له ذلك!
(15) ومن هولاء العم محمد بن مقحم بن ناصر العسكر، وكان صحب والده الذي يشتغل أول أمره في التجارة في الكويت والزبير، فبقي محمد هناك، وتعلم، وحصل طرفًا من العلوم أهلته أن يدعى في الزبير: الملا محمد العسكر، وهو لقب يطلق في لسانهم على من ألَمَّ بالعلوم الشرعية، وكان الشيخ عبد الله الفاخري يحدثني عنه فيقول: كان ذكيًا نابهًا، ولو أقبل على العلم لكان له شأن! وكانت له عنايه بعلم الفلك والمنازل، حسن الأخبار والرواية، جوادًا سمحًا، فيه حدة، ومن أكبر مجالسيه شيخ الزبير في وقته وخطيبها الشيخ محمد بن عبد الرحمن السند (ت 1398)، ثم كف بصره وترك الزبير وسكن الرياض وبها توفي سنة 1387 وكان والدي عبد العزيز العسكر - رحمه الله - يحدثني كثيرًا بأخباره وسيرته، ويصف عبادته وطول صلاته من الليل وملازمته القرآن، وكان يتابع بين ختمات القرآن ويهدي ثوابها لمن أحب من قرابته، ومنهم والدي ووالدتي - رحم الله الجميع. قلت: وإهداء ثواب تلاوة القرآن مما قال به جمع من أهل العلم، وهو المذهب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك من قرأ القرآن محتسبًا، وأهداه إلى الميت نفعه ذلك) الفتاوى 24/ 300.
(16) وكان جوَّاب آفاق، سمعته يقول: صليت الجمعة في الأرطاوية قريبًا من عام 1350 من الهجرة وبعد الانصراف منها لقيت أعرابيًا مقعاً وبين يديه طير كبير يعرضه للبيع، فإذا هي نعامة، فسألته: أتعرف اسم صيدك؟ فأجاب: لا، وإنما وجدته فأدركته عدوًا! وحين أخبرته باسمها ابتدره أحد الناس قائلاً: لو أهديتها على ابن سعود لأثابك عليها! قلت: ويظهر أن مثل هذا الصيد مما يتحف به علية القوم لمزيد احتفائهم به، وكانت تزين بها القصور الملكية، وفي هذا شاهد على ما كانت تحويه الجزيرة العربية في جنباتها من أوابد! ينظر: من سوانح الذكريات 1/24 تأليف حمد الجاسر.
(17) يشهد لذلك ترجمته لجده المؤرخ محمد بن عمر الفاخري، والتي تضمنت فوائد نفيسة مع وجازتها، وقد صدَّر بها د. عبد الله الشبل مقدمة تحقيقه، مكتفيًا بها. ينظر: 12،11.
(18) ينظر: الإفادات : 38، 168.
(19) ينظر: نشأة الإخوان ونشأة الأرطاوية تأليف الأستاذ عبد الله بن عبد المحسن الماضي 78، 146، 278.
- عثمان بن عبدالعزيز العسكر