حمد بن عبدالله القاضي
يا رب رحماك
هذه السيارات بدلا من ان تكون سببا للراحة والإسعاد تكون حينا سببا في الفراق والاحزان!
كم من غالٍ فقدناه، وكم غالية ودعناها بسبب حادث بطريق، أو تصادم مركبة مع أخرى.
بالأمس فقدناه بسبب حادث مروري.. فقدنا الغالي علينا د/ عبدالله بن ابراهيم العسكر الكاتب والمؤرخ القدير، والزميل الفاضل بمجلس الشورى وقبل ذلك الصديق الحبيب الوفي.
سبحان الله!
قبل عدة ليال معدودات التقيته بمناسبة فرح وتواعدنا ان نلتقي قريبا بجلسة خاصة عندي بعد عودته من سفره كتلك الجلسة الممتعة بمنزله عندما زرته مع الصديق «التوأم» أ/منصور الخضيري واستمتعنا بقضاء وقت بهيّ من الحوار الممتع.. جعلنا الله نستمتع وإياه بالأنس بلقائه والحديث معه بجنة المأوى.
* * *
لم يكن رحمه الله يُدلّ بعلمه، أو يغتر بمعلوماته كان يتحدث مع الآخرين للإفادة منهم، وإن كان الأغزر علما.
كان معنيا بهموم وطنه من خلال طروحاته الكتابية ومتابعته لما يكتبه المؤرخون عن بلده، وكان دقيقا في كتاباته وبحوثه وترجماته.
* * *
كانت مرحلة زمالته بالشورى واحدة من مراحل علاقتنا، وقد كانت الوشائج بيننا قبل الشورى ومعه وبعده.
وفي «مجلس الشورى» تبدّى جانبه الوطني أكثر من واقع مداخلاته الواعية، وآرائه الناضجة.
هذا الحبيب الحميم تألفه حال ما تلتقي به.. فهو يقترب منك ببساطته ويدنو منك بنقائه ويسكن قلبك بعذب حديثه.
* * *
إن رحيل أي عزيز مفجع، لكن تكون الفجيعة أعظم عندما يكون الفراق مفاجئا وأنت الذي كنت تعرف ذلك الراحل العزيز أنه بتمام عافيته وكمال صحته، هنا يكون الفراق أقسى وأعتى.
كان بنيّتنا أن نلتقي بعد عودته.. لكن أسأل ربي الذي حرمنا من اللقاء معه بالدنيا ألا يحرمنا لقاءه بجوار ربنا، اللهم اجعل له جنات الفردوس نزلاً، لكنها إرادة الله وقضاؤه الذى قضى أن كل نفس ذائقة الموت.
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً (145) سورة آل عمران
وحسبنا بذلك عزاء عند مفارقة الغالين علينا.
* * *
وبعد؛
لقد فقد الوطن واحداً من أبنائه المخلصين، كما فقدته الدراسات التاريخية المعنية بتاريخنا بوصفه باحثا ومؤرخا يعتمد المعلومة الموثقة وهو يتناول تاريخنا وكل ما يمسّ هذه الأرض متماهياً مع ماضيها القريب، وحاضرها المضيء.
* * *
رحم الله الراحل د/ عبدالله إبراهيم العسكر «أبو نايف» القريب من القلب البعيد الآن عن العين.
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة وأنله اللهم خير الجزاء وأوفاه كفاء ما نذر من عمره لخدمة دينه ووطنه وتاريخه.