د. خيرية السقاف
المشروع المستجد «مراقبة التحويلات المالية للمقيمين ومقارنتها بدخلهم الشهري» خطوة فاعلة في تصفية ما لهم, وما عليهم من المال, بعد أن لجأ بعضهم إلى محاولة التهريب بطرق ملتوية, بعضها مضحكة للغاية, مثل الذي جعل من جسده دولاباً لمليوني ريال في ضوء تشديد الرقابة على الأموال التي تصدر عن البنوك السعودية للخارج..
جاء هذا القرار بين وزارة المالية ومؤسسة النقد مناسباً للمرحلة..
يبقى الأمر في ضرورة مراقبة مماثلة للأموال التي تحوَّل عن طريق حسابات مواطنين قد يكونون غطاءً لهم, في مقابل آخر..
يأتي هذا تحديداً بعد تورُّط نفر من المواطنين في أمور الإرهاب، والمروق, والإفساد..
وبهذه المشاريع الطارئة سيودع مجتمعنا جسر «حسن النية», والتواكل على « الطيبة» المفرطة..
بعد أن عمَّ الوعي بأنّ الفساد له أنواعه, ومختلف سبله , وأنّ مجتمعنا لابد أن يتطهَّر..!!
* * *
من أغرب ما تفاجئنا به المطالبات العامة من نفر في المجتمع ما يتعلق بالتشريعات السماوية, على سبيل المثل ما نُشر مؤخراً من أمر المطالبة بإسقاط «ولاية» الرجل للمرأة, مع أنها تشريع رباني, نصّ عليها الشرع في كتاب الله لحكمة يدركها من يتأمّل بوعي, ويعلم بمعرفة مخلوقات الله وأدوارها وفق الطبيعة التي جبلها عليها, وقدَّرها لها تعالى, بما لا يعني التمايز النوعي, وإنما الاختلاف الأدائي, فما يكون تشريعاً لا يرفضه مؤمن رجلاً كان, أو امرأة,
ولأنّ الكثير لم يسلكوا فيها وفق الغاية من تشريعها فإنّ النساء يتذمّرن من ولاية جائرة ومجحفة وتبعد عن غاياتها, ومسالكها بخروج هؤلاء الرجال في ولايتهم عن المفهوم, والأداء العادل لهذه الولاية, ولعل المرأة التي وضعت أول نقطة في حرف المطالبة بإلغائها قد عانت الكثير من الرجل الذي دفعها لأن تصرخ رغبة في التحلُّل من ولايته, لكنه في الجانب الآخر يشير وبقوة إلى خلل في البنية الدينية السليمة بين عامة الأفراد, ذلك لأنّ المؤمن الحق لا ينقض أمراً نصّ به القرآن المحفوظ, وأيّدته السنّة المحمدية النقية.
فأين العلماء المعتدلون, والمفكرون الواعون بعذب النبع, وصفو حقيقته, في خضم هذا الخلط, والإضعاف من بنائه, ومحاولة نهش جسده..؟!
وإلام يشح مجتمعنا من روافد صافية, وأصوات حكيمة, ومراجع معتدلة لا تجلد ميلاً لكفة الرجل, وجوراً في حق المرأة, بل تفعل نقلاً أميناً لتنظيم الله , ورسالته في خلقه, بفكر واع, ومعرفة صحيحة, بما يؤسِّس لبنية إيمانية سليمة من الخلل, قويمة باليقين, ويحافظ عليها في الجميع, بعد أن عمّ الخلل, وشاع الوهن, وتعددت أنواع التجاوزات في تطبيق الولاية الصحيحة..؟!!
لقد آن للمجتمع أن يتطهَّر ليس بنقض الشرائع , والتنظيمات في العلاقات بين الرجل, والمرأة بل بإقرارها وفق أساسها بسلامته, ووضوحه, ما يخفف العبء عن المحاكم, ومجالس الأسر, وجمعيات الإصلاح, ويشيع السلام روحاً ترفرف في البيوت.