عمر إبراهيم الرشيد
مع سقوط حائط برلين وبداية تفكك الاتحاد السوفيتي السابق ومعه دول المعسكر الشرقي، فبروز نظيره الغربي بشكل أقوى وعلى رأسه أمريكا التي غدت القطب الأوحد، بعدما كان العالم متوازناً إلى حد ما في معسكرين، مع كل ذلك، بدأت ملامح ما عرف لاحقاً بالعولمة وذلك في غلبة النموذج الاقتصادي الأمريكي والغربي وانتشار وسائل إنتاجه واستثماره تبعا للهيمنة والغلبة السياسية والعسكرية.
وبلا شك فإن الثورة التقنية عززت من تأثير تلك العولمة وسرعت من وتيرتها في مختلف القارات والثقافات، اذ إن القوي يفرض أساليبه بل وحتى مفردات لغته التي تعرف هذا المنتج التقني أو تلك السيارة وغيرها، وهذا قانون اجتماعي طبيعي تحدث عنه ابن خلدون ومن بنى على فلسفته من علماء الغرب. من الدول التي طالتها أمواج التغريب أو الأمركة تحديداً اليابان، تلك الدولة التي ترتكز على تراث وتاريخ عريق ضارب في القدم، وتعتز بتقاليدها وثقافتها ولغتها، وتعتبر سر تميزها أنها زاوجت بين تراثها وبين تقدمها الصناعي والاقتصادي والعلمي.
وبما أن لكل فعل رد فعل معاكس له في الاتجاه ومساوي في القوة كما ينص القانون الفيزيائي المعروف، فإن اجتياح العولمة الرهيب لكل ما هو محلي وللثقافة والعادات والتراث لأي بلد كاليابان مثلاً، لابد وأن ينتفض هذا التراث والثقافة لاستعادة قوتهما كأساس للهوية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا تقل عن الهوية، تلك هي ما يتعلق بالقوة السياسية والاقتصادية، فكأنهما كفتا الميزان الحضاري لاي بلد يريد أن تكون له مكانته بين الأمم. في اليابان يتقدم هذه الأيام المحسوبون على اليمين في البرلمان والذين ينادون بالغاء تلك المادة من الدستور، التي تمنع اليابان من التصنيع العسكري وشن أي نشاط حربي وعسكري خارجي، كما وخروج الأمريكان بقاعدتهم في اليابان، واستعادة الدولة لعنفوانها التاريخي. فهل لما قام به مواطن ياباني قبل أيام من قتل معاقين فكريا هناك علاقة بصعود اليمين أم هي عنصرية استيقظت..؟.