«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
أعرف أن هذه الإطلالة لن تعجب عديدًا ممن يستخدمون أسماء مستعارة في عالم مواقع التواصل الاجتماعية (سوشل ميديا) لأسباب عديدة ومن أهمها أنهم يمارسون حريتهم الشخصية في إخفاء أسمائهم الحقيقية لظروف خاصة بهم.
فهناك البعض من الشخصيات المهمة في مختلف المجتمعات يشعرون بحاجتهم للتفاعل مع عالم التواصل الاجتماعي لأهميته ولانتشاره الواسع وتنامي أعداد المشاركين فيه يومًا بعد يوم ولكنهم غير قادرين على الكتابة بالاسم الحقيقي.
وهناك من يبرر عدم حمله لاسمه الصريح لكونه لا يستطيع أن يأخذ حريته في التعبير لو كتب باسمه الصريح..؟! لذلك فهو يتخفى خلف اسم مستعار ليستطيع أن يقول رأيه بصراحة ودون خوف أو وجل عكس لو كتب اسمه أو حتى عائلته أو قبيلته.
فيا ويله وسواد ليله. فهناك من سوف يعترض عليه لأنه يتسبب بطريقة أو بأخرى في الإساءة لهم أو أن يعطي فكرة غير مقبولة عن توجههم الوطني والاجتماعي.
ومن غير المعقول أن يتسبب في تعكير صفو مصالحهم وعلاقاتهم بالمسؤولين أو المديرين أو أصحاب الشركات.
فهم قبل وبعد بحاجة إلى العلاقة الحسنة التي لا تشوبها شائبة؟! كذلك نجد فئة خصوصًا الجنس اللطيف لا تستطيع الفتاة أن تكشف عن اسمها خوفًا من التعنيف اللفظي من قبل الأهل أو حتى صديقاتها وزميلاتها لو نشرت صورة رومانسية أو كتبت تعليقًا فيه شيء من العواطف الصريحة والأحاسيس والمشاعر المعبرة عمّا يختلج في ذاتها، فهناك من يعتبر ما قامت به خروجًا عن المألوف وجرأة وقحة.. لذلك وهذا أضعف الإيمان فهي تحمل اسمًا وهميًا.
وبالتالي فهي تغرد بحريتها وتعبر عن مكنون ذاتها. عكس لو غردت بالاسم الحقيقي.. وهكذا نجد ومنذ بدأت المواقع الاجتماعية تحتل مساحة كبيرة في العالم الافتراضي.
والنقاش مازال مستمرًا ما بين مؤيد ومعارض لاستخدام الأسماء المستعارة.. وعلى الرغم من أن بعض الدول ومن خلال أجهزتها الأمنية تراقب بصورة دقيقة جميع (المواقع الاجتماعية) المعروفة وحتى المنتديات والقروبات والمواقع الشخصية والمدونات.
فباتت هذه الرقابة مطلوبة جدًا بعد ما استقلتها تنظيمات معادية لمختلف الأنظمة، بل إنها استطاعت التوغل في عالم التواصل الاجتماعي والتأثير على عدد كبير من الشباب الذي تم الايقاع بهم والسيطرة عليهم ومن ثم توظيفهم لتحقيق أهدافهم الإرهابية البشعة من تفجير وقتل..الخ.. وممارسة التغريد أو الكتابة خلف اسم وهمي لا يحميه من المساءلة القانونية لما بدر مه من تصرف مشين أو التهجم على الغير.. ومرة سألت أحدهم وكان مغردًا نشطًا والحق يقال ومتميزًا ومتابعًا دائمًا لشخصي المتواضع عن سبب تخفيه خلف اسمه الوهمي فقال عندما التقيته في مناسبة اجتماعية: إنهم الأبناء الذين باتوا يتابعوني أكثر من ظلي.
فهذا ينتقد صورة نشرتها أنها لا تتناسب مع سني وذاك يقول إنك بتغريداتك ربما تؤثر على سمعتنا فنحن على أبواب المستقبل. بكرة لا يتم اختيارنا في هذه الوظيفة أو تلك فأنت بصراحة يا أبوي ونخجل نقولها لك بصراحة «كبرت ويبدو أنك خرّفت..» لذلك ابتعدت عن الشر وغنيت له. فألغيت حسابي الذي كان يحمل اسمي وعائلتي واخترت اسمًا وهميًا.. وصرت كما يقولون مع الخيل يا شقراء..؟! وهكذا تنتشر بين يوم وآخر الأسماء المستعارة لتشكل ظاهرة تتنامى بصورة لافتة. حاملة أسماء غريبة وعجيبة. من التاريخ القديم والجديد.. أسماء زعماء وقادة وشعراء ومبدعين.. وسيدات شهيرات.
ونجوم سينما.. ورياضة.. وما أكثر.. والمثير للدهشة والعجب أن بعض الأسماء وحتى الصور المستخدمة في حسابات البعض الوهمية تسببت في حوادث وكوارث وحتى جرائم. فكم من واحد. أغراه حساب فتاة حسناء في الفيسبوك أو تويتر.
ومع الأيام اكتشف أنها قريبته.. بل هناك من اكتشف أن من كون معها صداقة ما هي إلا زوجته.. ولو بحثنا في محرك البحث (غوغل) لوضع أمامنا المئات من الحالات التي تسببت الأسماء الوهمية في حدوث الطلاق أو حتى جريمة.
كل هذا وأكثر من هذا بسبب الأسماء المستعارة والوهمية.. وما أروع أن يمارس الإنسان فعله وعمله تحت أشعة الشمس.. بشخصيته الحقيقية فهذا أفضل مع الاحترام لكل من اختار اسمًا وهميًا أو صورة رمزية أو تعبيرية.