نجيب الخنيزي
دعا البيان الختامي للقمة العربية السابعة والعشرين التي عقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط في 25 من شهر يوليو الجاري والمسماة «قمة الأمل» إلى تكريس الجهود من أجل حل القضية الفلسطينية وكانت القمة قد بدأت أعمالها في غياب أكثر من نصف القادة العرب. وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لدى إلقائه البيان الختامي للقمة: «إن الدول العربية ترحب بالمبادرة المصرية لحل القضية الفلسطينية، كما ترحب بالجهود الفرنسية الرامية لعقد مؤتمر دولي للسلام». عقدت القمة وحال العالم العربي في الحضيض حيث الانقسام والتشظي والضعف وتصاعد الصراعات والحروب الداخلية وتفشي ظاهرة العنف و الإرهاب، والانكشاف أمام القوى الإقليمية والدولية.
صحيح أن العرب اختاروا السلام كخيار استراتيجي وحيد لهم في ظل اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل وحماتها والتي عبرت عنها مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله، وصادقت عليها القمة العربية في بيروت عام 2002، غير أنه في المقابل لا بد من صياغة استراتيجية عربية واضحة لتحديد معنى السلام المنشود ومقوماته وأسسه، والذي يعني تنفيذ قرارات الشرعية الدولية 24-338 القاضية بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة كافة في عدوان 67 وعلى أساس مقايضة الأراضي بالسلام وفقاً لصيغة مدريد 91 التي وافق العرب على المشاركة فيها وتأكيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار رقم 194 وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بما في ذلك حقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس. وبالتالي يجب إفهام إسرائيل والولايات المتحدة والأطراف الدولية كافة المعنية بأن العرب لن يتراجعوا عن مطالبهم باعتبارها تمثل الحد الأدنى لتلبية المصالح العربية والفلسطينية. غير أن خيار السلام لا يعني التفريط أو التخلي عن الخيارات الأخرى البديلة في حالة استمرار إسرائيل على تعنتها ورفضها لأساس السلام العادل والشامل والمتوازن. وفي هذا الإطار فإن أولويات الموقف العربي تتطلب وقف أشكال التطبيع مع إسرائيل، والعمل على إحياء وتقوية نظام المقاطعة الاقتصادية باعتباره إحدى الوسائل الدفاعية إزاء محاولات الاختراق والهيمنة الإسرائيلية وبالتالي من الضروري تأكيد الموقف الموحد للبلدان العربية إزاء التهديدات والتحديات المختلفة التي تجابهها مما يستدعي مقاومة الضغوط المختلفة التي تتعرض لها وإفهام المجتمع الدولي والقوى المتنفذة في العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة بأن مصالحها الواسعة والضخمة والممتدة في المنطقة العربية ستتعرض للضرر في حالة استمرار انحيازها الكامل لإسرائيل وسياساتها العدوانية على حساب الحقوق والمصالح والمطالب العربية العادلة «وقد سبق وأن هددت الولايات المتحدة باستخدام حق النقض ضد مشروع عربي مقدم لمجلس الأمن لإرسال قوات حماية دولية للأراضي الفلسطينية».
ومن المهم الإصرار على ضرورة وقف سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي، ناهيك عن تصعيد أعمال القتل والتنكيل والاعتقال التعسفي، وهو ما يتطلب إرسال قوة حماية دولية إلى الأراضي الفلسطينية لتوفير الحماية والأمن للسكان المدنيين من الاعتداءاتالإسرائيلية، وترجمة نتائج لجنة التحقيق الدولية في الانتهاكات التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل بحق المدنيين والبحث في إمكانية قيام محكمة دولية لمجرمي الحرب الإسرائيليين.