محمد سليمان العنقري
أكمل برنامج حماية الأجور ثلاثة أعوام منذ انطلاقته والذي يهدف إلى حماية الأجور من خلال توصيفه الرسمي الذي جاء فيه بأنه «برصد عمليات صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات في منشآت القطاع الخاص (السعوديين والوافدين) بهدف إنشاء قاعدة بيانات تحوي معلومات محدثة عن عمليات دفع أجور العاملين في القطاع الخاص وتحديد مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت وبالقيمة المتفق عليهما».
إلا إنه منذ منتصف العام الماضي إلى وقتنا الحاضر بدأ التقييم الحقيقي الواقعي لمدى قوة البرنامج أو اكتمال عناصر نجاحه وفاعليته، فالبرنامج يعد من إساسيات إصلاح وتنظيم سوق العمل، ولا خلاف على أهميته لكن عند النظر بالخطوات التي تضمن صرف الأجور نجد أنها عملياً محدودة للغاية، فكل ما تقوم به الوزارة في حال عدم التزام المنشآت الخاصة بدفع الأجور لفترة معينة تقوم الوزارة بإيقاف خدماتها عن المنشأة وتأخذ تعهدات بالعودة للالتزام بدفع الأجور وفي حالات معينة تسمح للعمالة الوافدة بنقل كفالاتها دون موافقة الكفيل أي أن محصلة الإجراءات التي تضمن العودة لدفع الأجور لا يمكن أن تعكس اسم وأهداف البرنامج وتقلل من أهميته.
فهل إيقاف الخدمات سيعالج المشكلة بتأخر الأجور؟ أليس من الأجدى أن تبحث الوزارة مع المنشآت التي تواجه مشكلة بسداد الأجر لمعرفة أسبابها، فبعضها قد تكون لديها مستحقات عند الجهات التي تعاقدت معها بعقود مقاولات أو تشغيل، وهناك تأخر بإنهاء إجراءات المستخلصات حتى تصل لمرحلة الصرف، فهل تكون المشكلة من المنشأة، وكم يمكن لها أن تتحمل أي تأخير بإنهاء إجراءات صرف مستحقاتها؟ ومع ارتفاع تكلفة التمويل «السايبور» والضغوط على السيولة وتراجع نموها خلال الفترة الماضية فيصبح الحصول على تمويل للمنشآت الخاصة ليس بالأمر اليسير إن لم يكن صعباً على بعض تلك المنشآت.
فحتى ينجح البرنامج لابد من توسيع دائرة التنسيق بين وزارة العمل والوزارات ذات العلاقة كالتجارة وكذلك المالية وأيضاً تطوير آليات معاملات المستخلصات بتسريع إنجازها، وكذلك الترتيب مع التجارة على بضرورة بناء المنشآت الخاصة لاحتياطيات تخص الأجور لدى المنشآت بنسبة معينة من ميزانيات الأجور السنوية بحيث يتم اللجوء للصرف منها عند الضرورة وفق ضوابط محددة.
الالتزام بسداد الأجور ليس فقط ضماناً لحقوق العمالة بل هو سمعة لقطاع الأعمال وجاذبية للعمل بالقطاع الخاص، فإذا كان الاتجاه ليكون هذا القطاع هو المولد والموظف الأكبر فلابد من حلول لدعمه لكي يبقى قوياً، وكذلك تطوير آليات حماية الأجور بتسديدها بتوقيتها المتفق عليه ومعالجة كل الأسباب التي تؤدي لتأخرها سواء بما يخص معاملات المستخلصات وتقليص مدد إنجازها أو المعاملات التجارية بين المنشآت الخاصة، فإذا لم تصل المعالجات لهذا المستوى ستهتز الثقة بالتوظيف بالقطاع الخاص وسيزداد التدوير بالوظائف وسيبقى الأمان والاستقرار الوظيفي دون الطموح وسيركز الشباب على أي فرص للعمل بالقطاع العام لأنه أكثر أماناً واستقراراً.