د. عبد الله المعيلي
على الرغم من أن أعداد الشباب السائرين في ركب داعش المنخدعين بها قليلة، وأنه لا دلالة إحصائية لهم، فجل الشباب - ولله الحمد - يسير في ركب الصالحين المهتدين ملتزم بهدي الله وشرعه، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، إلا أن الخوف عليهم من مصائد الشيطان، ومن دعاة جهنم، يقتضي من أولياء الأمور، ومن مؤسسات التكوين التربوي، وخطباء المساجد، والكتاب والمثقفين، ومن وسائل الإعلام عامة، ومن كل من يتبين له خروج عن ثوابت المملكة وقيمها، يقظة تامة مدركة واعية لأبعاد المخاطر التي تتخطف الشباب وتتصيدهم، وخصوصًا وسائط التواصل الاجتماعي، وقرناء السوء.
في ضوء الحقائق التي كشفت عن المصادر التي صنعت داعش، وتغذي الإرهاب ماديًا وفكريًا، وباتت واضحة مثل الشمس في وضح النار - إيران المجوسية ومخالبها القذرة في سوريا ولبنان وصهاينة أمريكا - يجب على الكتاب والمغردين، الذين طالما جلدوا المناهج والمنابر والمساجد والمعلمين والتعليم ومدارس تحفيظ القرآن بصفة خاصة، واتهموها بأنها هي التي وراء كبت الشباب وانحرافهم وتضليلهم ومنعهم من سماع الموسيقى وقراءة الروايات، عليهم أن يصحو من سباتهم، ويصححوا مفاهيمهم، وأن يسخروا أقلامهم في فضح إيران ومخططاتها، وأن يجتهدوا في إعادة تكوين معارف الشباب ومعلوماتهم، وأن إيران تسعى جاهدة إلى تشويه الإسلام الصحيح الذي يجسده السنة بأجل صوره وأسمى معانيه، الإسلام الحق الذي لم ولن يرضى أن يكون مؤيدًا أو داعمًا أو مسهلاً لدعوات التحرر، أو تابعًا للغرب الذي سلخ الإنسان من فطرته وسمو قيمه وأخلاقه وصوره البشرية ومعانيه الإنسانية.
الجيل الذي أعماره في الأربعين وتزيد، تعلم وتربي على أيدي معلمين فضلاء، وعلى مقررات دراسية مؤصلة تعنى بولاء الطالب وانتمائه لدينه ثمَّ وطنه، لا يعرف التكفير ولا التطرف ولا الغلو ولا التصنيف، جيل مستقيم دينيًا وفكريًا ومعرفيًا، ينهل من معين صافٍ قوامه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وبدأ التشويه والاضطراب الفكري عند الشباب بعدما استحكمت قوى الشر الصفوية المجوسية في إيران بزعامة الهالك الخميني وزمرته الفاسدة، وتحالفهم مع الصهاينة الجدد في أمريكا، المجوسية مدفوعة بحقدها الدفين ضد الإسلام عامة والسنة على وجه الخصوص، وأمريكا المسكونة بهاجس مرضي واضطراب في الرؤية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث وجد كل منهما ضالته في التحالف معًا ضد الإسلام، وها نحن نعيش البعد التطبيقي للتحاف بأجل صوره، المتمثلة في صناعة شباب مسلم سني منحرف ضال فكريًا وعقديًا ينفذ أجندة الحقد المجوسي، وعمى الرؤية الصهيونية الأمريكية.
إن مواجهة التآمر المجوسي الأمريكي والتصدي له يحتاج إلى يقظة وتصحيح للمفاهيم والمواقف، وتصحيح حول الرؤية الذي أصاب بعض المفكرين والكتاب، وإلى برامج موجهة يصنعها مختصون في العلوم الشرعية وعلم النفس والتربية والاجتماع، والمفكرون، تصاغ في خطط آنية، وأخرى طويلة المدى، تبذل من خلالها الجهود المكثفة المؤصلة وفق شرع الله وسنة رسوله وما أجمع عليه سلف الأمة، والعلماء المعتبرون الموثوق بعلمهم وسلامة منهجهم.
عدا هذا سنظل ندور في دوائر مغلقة مظلمة من الاتهامات وجلد الذات بينما الأعداء الحقيقيون يتفرجون ويطربون ويتفننون في صناعة الموت بأيدي شباب المسلمين.