رحل قبل أيام أحد رواد السينما الواقعية إبان حقبة السبعينيات والثمانينات المخرج السينمائي المصري محمد خان رحمه الله وكان من أبرز الأفلام التي أخرجها فيلم (أيام السادات) عام 2001 وقد ذكرتني وفاته بهذا الفيلم الكبير الذي شكل تجربة فذة لكل طاقم العمل ؛ يقول الفيلسوف والشاعر والكاتب الأمريكي رالف والدو إمرسون المتوفى عام 1882م : (إن الثقة بالنفس هي روح البطولة) والحقيقة من واقع ما قرأت وشاهدت وسمعت أدركت بأن الواثق من نفسه وقدراته يسطّر أروع الملاحم في كل شأن من شؤون الحياة إذ أن كل مبدع في الغالب تقف وراءه ثقة عالية بنفسه وقدراته وأدواته تشدّ من أزره وتستحث خطاه للسير قدما بخطوات ثابتة حتى يصل إلى ذروة التميز في مجاله والشواهد في هذا السياق كثيرة أعرف بعضها وأجهل الكثير منها ومن تلك النماذج المعروفة إمبراطور السينما العربية و نمرها الأسمر الفنان أحمد زكي رحمه الله حيث كان فناناً موهوبا في تقليد الشخصيات صوتاً وصورة وربما لمس المتابع تلك الموهبة عن قرب منذ بداياته في إحدى مشاهد المسرحية الشهيرة (مدرسة المشاغبين) وحتى عام 1996م عندما قام بإنتاج فيلم (ناصر 56) الذي تناول فيه جزءاً بسيطا من فترة حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر خلال فترة تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر وكان بعض المتابعين يشعرون لأول وهلة بأن الفيلم لن ينجح بسبب عدم وجود صفات مشتركة بين زكي والرئيس عبدالناصر سواء من ناحية لون البشرة أو طول القامة أو حتى تقاسيم الوجه وعليه حكم البعض على الفيلم بالفشل قبل مشاهدته لكن عقب العرض الأول للفيلم ومشاهدة مدى الإبداع المتناهي من أحمد زكي في تقمص شخصية عبدالناصر والغوص في أعماقها بكل مفرداتها لم يملك كل مشاهد منصف للفيلم سوى التصفيق الحار لروعة أداءه وقد حقق الفيلم إثر ذلك نجاحا باهرا وصرح رئيس اتحاد الفنانين في مصر آنذاك الفنان الراحل فريد شوقي بأن فيلم (ناصر 56) هو الأعلى في الإيرادات في تاريخ السينما المصرية وتم عرضه في جميع أنحاء العالم غير أن الشهادة الأكبر لنجاح الفيلم كانت من أحد المقربين من الرئيس عبدالناصر والتي رواها أحمد زكي بنفسه في إحدى اللقاءات الصحفية حيث قال له بالحرف الواحد دخلت لمشاهدة الفيلم وأنا غير مقتنع وخرجت منه وأنا مقتنع ، وأمام هذا النجاح الكبير للفيلم وبعد عدة سنوات قرر زكي تقديم فيلم يحكي سيرة رئيس آخر ولكن هذه المرة سيتناوسيرة الشخصية بشكل كامل مرورا بكافة الأحداث من الطفولة وحتى الوفاة ولكن في السياق الدرامي المختصر حيث قرر تجسيد شخصية الرئيس المصري الشهيد محمد أنور السادات ، لكن عقبةً كؤوداً اعترضت طريقه لتحقيق هذا الحلم عندما أحجمت شركات الإنتاج عنه وأغلقت أبوابها في وجهه ولم تقم بتمويله وحينها لم يكن أمامه من خيار سوى الاقتراض من البنوك لتغطية كافة تكاليف الإنتاج الضخمة للفيلم والتي بلغت 6 ملايين جنيه مصري وكانت خطوة جريئة ومجازفة خطيرة فلم يكن مضمونا حينها سداد مبلغ المديونية الضخم لكنه قرر المغامرة متسلحا بثقته العالية بنفسه وبموهبته وبالفعل أبهر الفنان أحمد زكي الجميع بطريقة أداءه المذهلة وكان لافتا تقليده للسادات إبان عمله كضابط صغير في الجيش المصري وقدرته على إقناع المشاهد بذلك الأداء رغم عدم وجود مواد مرئية أرشيفية للسادات في تلك الحقبة الزمنية ، ومع انقضاء فترة بسيطة من عرض فيلم (أيام السادات) كانت الإيرادات قدت تخطت حاجز الـ11 مليونا ونصف المليون جنيه تقريبا مثل هذه التجارب الملهمة تحفز كل من يملك أدوات النجاح على السير بخطوات واثقة نحو تحقيق أهدافهم حتى وإن كان في الطريق ما يبدو بأنه سيعيق ذلك النجاح.
مجلس إدارة الهلال برئاسة سمو الأمير نواف بن سعد اتخذ قبل أسابيع خطوة موفقة لأبعد الحدود عندما قام بتحرير متجر الهلال من الاحتكار حيث كانت شركة تطوير الرياضية بموجب اتفاقية سابقة مع إدارة النادي السابقة تملك تسويق منتجات متجر الهلال بشكل حصري حيث تم تعديل الاتفاقية لأجل فتح المجال لكافة المستثمرين والشركات المتخصصة من داخل المملكة وخارجها لافتتاح متاجر لبيع منتجات الهلال بالإضافة إلى المتاجر الإلكترونية وفق معايير معينة ستعلنها إدارة الاستثمار في النادي لاحقا وأذكر في هذا الصدد ندائي لسمو رئيس الهلال في مقال بعنوان (رسالة مفتوحة لرئيس الهلال) كتبته هنا في عدد صحيفة الجزيرة 15625 الصادر يوم الجمعة 23 رمضان 1436هـ الموافق 10يوليو 2015 حيث كتبتُ ما نصّه « أليس من حق جمهور الهلال أن يتساءل لماذا لا أشاهد متجر الهلال في أحد أهم الطرق الرئيسة في العاصمة الرياض وبمساحة شاسعة تجمع في ردهاتها كل البضائع التي أحتاجها بشكل مريح ؟ « واليوم بعد عام أشكر الأمير نواف بن سعد على قربه من تطلعات الجمهور واتخاذ هذا القرار الموفق ؛ كما أدعو سموه إلى المضي قدما في مشاريع أخرى كمشروع لبن الهلال والأدوات المدرسية حيث سبق أن أشرت لهما في مقال سابق لأن القوة الشرائية لجمهور الهلال تغري أي مستثمر للمجازفة بأي مشروع كما جازف أحمد زكي في فيلم أيام السادات وكسب الرهان.
- محمد السالم