سعيد الدحية الزهراني
للمجالات علامات.. والموسيقار ناصر الصالح علامة للفن العميق والآسر من لحون الأداء الغنائي.. كل ما عليك وأنت تستقبل عملاً فنياً مهره الصالح بإمضاء التفرد الجمالي فيه.. هو أن تقول للروح : هذه اللحظة لك خالصة.. إنها تحمل صيغة ناصر الصالح.. والصيغة لدى صائغي الذهب تُعد توقيع التفرد الذي يصنع الفرق..
كأن هذه الأحسائي المدهش ولد وفي يده نوتة موسيقى.. ونوتة الموسيقى هي في أصلها ورقة من غصن أعلى فروع شجرة الجمال.. حيث الموسيقى التي لا يعلوها فرع آخر من فروع الجمال المحبب إلى قلوب الناس ووجداناتهم..
أكتب هذا الظل اليوم مستشعراً حجم الامتنان لكائن جمالي بحجم الأستاذ الكبير ناصر الصالح.. هذه الذي اشتغل بحقل الفن واعتنى بشجرة الجمال وأصغى إلى ما لا يُسمع من صوت وما لا يصل همس فانقاد له سحر اللحن.. في تلك الأرض أمضى الصالح الجميل عمره ومعرفته.. يجسّ ومض اللحظة الفارقة الفارهة.. كان مبيته ارتقاب الصوت الذي لم يولد بعد.. كان اللحن قصة الصالح وقضيته وقدره..
أي اختلاف يسلك مطارح الروح ثم لا تذوب كما يفعل اللحن في كلام تؤمه الموسيقى؟!! إنها فلسفة اللحن.. وعلى هذا الطريق أوقف الصالح نفسه بستانياً في حقل الروح.. يحيي الطيور والأشجار كل يوم.. لتزوده بغذاء الفن والموسيقى كما كانت تفعل منذ أن استودعها الله نوتة الجمال الأولى.. يمنح التائهين فاكهة القصيدة وزهر ما تفتح من لحن.. يلقي على العاربين عطر الأرض النبيلة.. ويدعو بسلام الفن والجمال لكل الأشياء التي لم تكن بعد..
أستعيد هذا الوجه الصالح الآن.. مستحضراً بؤس العالم وخوفه وهروبه إلى ألا مكان.. لأقول: الفن يعيد للحياة أمنها.. ولإنسانيتنا روحها.. وللأطفال ابتسامة الطيور وسلام الأشجار.. ولدى ناصر الصالح ما يجعل الحياة تبدو ممكنة والعالم أقل بشاعة..
*الأغنية لحن.