.د.عبدالله بن محمد الشعلان
9 - معهد الخرطوم الدولي للغة العربية: تأسس هذا المعهد في شهر أكتوبر من عام 1974م، ويعتبر أحد نتاجات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي تحققت بناء على رغبة السودان في حل مشكلة التداخل اللغوي وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في مناطق من السودان. وتتركز أهداف هذا المعهد في إعداد اختصاصين في مجال تعليم اللغة العربية يكون لديهم الكفاءة في استخدام طرق التدريس المختلفة في تعليم اللغة العربية لغير الناطين بها واختيار الوسائل التعليمية وتوفيرها واستخدامها وتدريب المعلمين وتأهيلهم وإعدادهم للإشراف والتوجيه في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كذلك تأليف الكتب ووضع المناهج وإجراء البحوث والدراسات العلمية وتقويم مناهج اللغة العربية في التعليم العام، ودراسة بعض القضايا اللغوية الحية المتصلة بتدريس العربية من جهة والبحث العلمي في مجال اللغات الحية الأخرى من جهة أخرى. ومن جانبه يعتبر معهد الخرطوم نموذجًا في هذا الإطار من خلال استخدام طرق التدريس المختلفة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وقد كانت له تجارب رائدة مع طلبة من تركيا والصين في مجال تعليم اللغة العربية.
10 - دول أجنبية تبنت اللغة العربية: تبوأت اللغة العربية مكانة متميزة في بريطانيا متفوقة بذلك على اللغة الفرنسية التي تعتبر واحدة من أوسع اللغات انتشارا في بلاد الضباب بعد الإنكليزية، فقد أعد المجلس البريطاني تقريرا حول مستوى الاهتمام باللغات الأجنبية في المملكة المتحدة، واحتلت فيه اللغة الإسبانية المركز الأول بـ 76 نقطة من 100، تلتها اللغة بـ 54 نقطة وتحصل الفرنسية على 47 نقطة على الرغم من التقارب الجغرافي والثقافي وتشابه اللغتين في كثير من المفردات، ولم يشكل موقع اللغة الإسبانية الصدارة في القائمة مفاجأة للقائمين على التقرير إذ يرون أن هذه نتيجة طبيعية ناجمة عن كون اللغة الإسبانية من أكثر اللغات انتشارا في العالم. هذا وجاء في التقرير أن اللغة العربية برزت في بريطانيا باعتبارها واحدة من اللغات ذات الأولوية بالنسبة لوزارة الخارجية والكومنولث، حيث يعتزم المسؤولون زيادة عدد الدبلوماسيين الذين يتلقون تدريبهم باللغة العربية بنسبة 40 %. كما برزت 6 دول ناطقة باللغة العربية بين أبرز 50 سوقا بريطانية متخصصة في تصدير البضائع». كذلك حظيت الغة العربية مؤخرا باهتمام كبير من قبل الطلاب بكوريا الجنوبية حيث تدرس اللغة العربية في ست جامعات كورية وذلك بعد اختيار وزارة التربية الكورية لغة الضاد كمادة رسمية في الجامعات لتكون بذلك ضمن امتحان القبول بها بصفتها اللغة الأجنبية الثانية منذ سنوات. وقد عبر الكثير من الكوريين عن إعجابهم باللغة العربية منوهين إلى أنها من أجمل لغات العالم المعاصرة.
كما تجدر الإشارة إلى قرار وزارة التعليم الفرنسية حول إدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج ابتداء من العام المقبل 2017، حيث سيتمكن التلاميذ الفرنسيون من اختيارها كلغة أجنبية تدمج داخل المنظومة التربوية والتعليمية الفرنسية مما يعتبر خطوة إيجابية لتعليم اللغة العربية للجاليات العربية المقيمة في فرنسا لما تحمله من تأصيل للهوية ومصالحة مع الذات وخدمة لأبناء العرب في المهجر بفرنسا وغيرها من الدول وتقديم الثقافة والقيم العربية الأصيلة من خلال مشروعات وأنشطة تربوية وثقافية. كما كان هناك جهود من قبل رئيس معهد العالم العربي بباريس جاك لانغ، من أجل توفير فرص أكبر لتعليم اللغة العربية لأبناء العرب المقيمين بفرنسا.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تتعاون حاليا مع وزارة التربية الفرنسية في وضع «الكتاب المرجعي لتعليم اللغة العربية للناطيقن بغيرها» مثلما تتعاون مع فريق علمي يعمل على إنتاج مجموعة من المعاجم التربوية الأحادية والمزدوجة اللغة «مشاتل اللغة العربية» ويشرف عليها أستاذ اللسانيات العربية في جامعة ليون والأمين العام للجنة الجامعية المشتركة للدراسات العربية بفرنسا د. جوزيف ديشي.
11 - أنشطة أخرى من جهات معنية أخرى من شأنها أن تخدم اللغة العربية: هناك مهام ومسئوليات وواجبات يتحتم أن تضطلع بها جهات معنية في بلداننا العربية مثل وزارات التجارة والصناعة والصحة والزراعة والطاقة عند استيراد البضائع والمعدات والأدوية والأغذية والأجهزة والتي تصاحبها كتيبات إرشادية حيث يجب أن تكون اللغة العربية ضمن لغاتها مع لغات أخرى، وفي هذا بلا شك رفع للغة العربية وفخر بشأنها وتعزيز لوجودها وتقدير لمكانتها.
كلمة أخيرة:
وأخيرًا أضحى الاهتمام باللغة العربية مطلبًا دينيا وتوجها وطنيًا وضرورة حتمية أملته ظروف عصر تتفتق فيه الإبداعات والابتكارات بشكل متلاحق وتحتدم فيه التغيرات التقنية والمعلوماتية على نحو مذهل، ولا يجمل بنا نحن أبناء هذه البلاد التي شرفها الله بخدمة البيتين العتيقين الشريفين أن نقف مكتوفي الأيدي أو كمتفرجين وكأن الأمر لا يعنينا، كيف لا ولغتنا العربية لغة ثرية في مفرداتها غنية في اشتقاقاتها جزلة في مدلولاتها شرفها وأجلها الله عزّ وجلّ بأن جعلها لغة كتابه الكريم الذي أنزله على أشرف الخلق أجمعين،.
وفي الختام هناك حوالي ألف مليون مسلم في حاجة إلى تعلم اللغة العربية لأجل تلاوة القرآن ومعرفة معانيه ودلالالته إلى جانب معرفة الأحاديث النبوية ولأجل التفكر والتدبر الضروري لأداء الشعائر الدينية التعبدية من صلاة ودعاء وحج وتلاوة آي الذكر الحكيم وغير ذلك.
ولغة ذاك شأنها وقدرها وتلك مكانتها وجلالها لحري بنا أن نحميها ونصونها ونحافظ عليها من العبث والتشويه نظرا لما نشاهده بكل حرقة وأسى ما يحدث أمام ناظرينا وبين ظهرانينا وفي عقر دارنا من ظهور كلمات أجنبية في مسمياتنا ولافتاتنا وإعلاناتنا ودعاياتنا والذي هو بلا شك إحساس خاطيء نراه قد بدء يترسب في أعماق البعض منا ممن يرى أن تلك المسميات والمصطلحات والكلمات ذات الأصول الأجنبية لها وقع السحر في جذب الناس لشراء بضائعهم والتردد على متاجرهم، ولعلهم بهذا لايدركون أنهم يغتالون لغتنا الجميلة ويتناسون أو يتجاهلون لغتنا الأصيلة بل لغة كتابنا المجيد والبوتقة التي تنصهر فيها ثقافاتنا الأصيلة وتراثنا التليد وحاضرنا المجيد ومستقبلنا المشرق بمشيئة الله.