مهدي العبار العنزي
من صفقوا للربيع العربي لم يتوقعوا أن تصل حال أمتهم العربية إلى هذه الحال من التشتت وفقدان الأمن والتشرذم والتقاتل والتناحر، ولم يخطر في بالهم أنها مؤامرة كبرى لم يدركوا مخاطرها ولهيب نارها التي أكلت الأخضر واليابس، وانعكست سلباً على حياة المواطن العربي اليومية، وأصبح لا يعرف من أين يأتيه الشر وكثيراً من الأحيان من أقرب الناس، وإذا كان لديهم تصور كامل عن واقع بلدانهم مع الربيع المشؤوم، فهم يمثلون الخيانة العظمى التي يجب ألا يغفرها لهم شعوب العرب، الذين تحول ربيعهم إلى سفك دماء وانتهاك إعراض وقتل وسلب ونهب وتشريد، وفقدان للاستقرار والعيش الكريم، ومع الأسف إن هذه المؤامرة التي لم يتنبّه لمخاطرها كثير من علماء الأمة وقادتها والذين إما أن غفلوا أو تغافلوا أو غرّر بهم الأعداء، عندها لم يتمكنوا من وضع اليد على الجرح النازف في جسد أُمة الضاد. بل أصبح بعضهم أبواقاً للفوضى والاحتراب الذي شجع التناحر بين الأخ وأخيه، وهناك من نسي قول الباري عزّ وجلّ : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحجرات: الآية (10)، وتناسوا بلاغ سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم في آخر بلاغ له لأمته في حجة الوداع عندما قال إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، إنها الرسالة النبوية التي يجب تبليغها والمحافظة على محتواها لا أن يتم تجاهلها، مما عرّض الأمة وكيانها ووجودها للخطر المحدق، وانحرف كثير من الشباب عن بوصلة الدين، ولم يحترموا تاريخ هذه الأمة وسلفها الصالح، إنّ المواطن العربي لازال لديه الأمل في أن ينهض كل عالم وكل قائد وكل مفكر وكل عاقل، ويأخذ دوره في الدعوة إلى الله، ويساهم في وحدة الأمة وإلى التضامن الحقيقي وحقن الدماء، ومنع هذه الفوضى التي تعم عدداً من الأقطار في عالمنا العربي، ألم نتعظ بعلمائنا الربانيين ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الذي قال:
لا يتم أمر العباد فيما بينهم ولا تنتظم مصالحهم ولا تجتمع كلمتهم ولا يهابهم عدوهم إلاّ بالتضامن ! وهل يتعظ من يقتلون النساء والشيوخ والأطفال بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} سورة النساء؛ الآية (92).
يحق لنا مخاطبة العرب ونقول لهم
إلى متى لاهين في حقد وصراع
واخوانكم يشكون هول المجاعه
ومتى يتم إنهاء تمزيق الصف والقضاء على المؤامرة؟