سلمان بن محمد العُمري
ونحن نعيش أجواء الحرِّ الشديد وارتفاع درجة الحرارة في معظم أرجاء بلادنا، وفي المقابل ما سخّره الله لنا من وسائل لرخاء العيش ورغده ومواجهة هذا الحر الشديد والسموم من مكيّفات الهواء في منازلنا بمختلف أنواعها وفي سياراتنا وفي مواقع العمل يجدر بنا أن نذكر ونشكر الله ـ عز وجل ـ ثم نشكر رجالاً تحت لهيب الشمس ومن قبل في الصقيع البارد يسهرون الليل، وفي الرمضاء يحمون حدودنا ويذودون عن بلادنا في أجواء شديدة البرودة شتاءً ومشتعلة في الصيف نذروا أرواحهم وأنفسهم لخدمة دينهم وبلادهم والذود عنه.
إن لهؤلاء الجنود الأبطال حقاً علينا بالدعاء قبل الثناء بأن يحفظهم الله وينصرهم ويسدّد رميهم ويعلي رايتهم راية التوحيد الخفاقة وأن يحمي بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجَّار وشرِّ طوارق الليل والنهار.
إننا في منازلنا وتحت مكيفات الهواء ونتذمّر من حرارة الجو، وهناك رجال أمن على الحدود ورجال أمن داخلي يقودون دفّة العمل أيضاً في الميادين والشوارع مع إخوانهم على الحدود ممَّن تأهَّبوا لحفظ حدودنا وردع العدوان بعزيمة وإيمان وفخر واعتزاز بهذه المهام الشريفة مستمدّين العون من الله ـ عز وجل ـ ومنتظرين الأجر والثواب وفقاً لما وُعدوا به وبشّروا فيه من رسولنا وحبيبنا وقدوتنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الذي رواه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «عَيْنَانِ لا تَمَسَّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللهِ».
والرباط في سبيل الله وحراسة البلاد والعباد من أعظم مراتب الجهاد فهم من يسهرون لحماية الجيش وحماية البلاد من المعتدين.
إننا ولله الحمد في نعمةٍ عظيمة يفقدها من حولنا ومن هو بعيد عنّا ألا وهي نعمة الأمن والإيمان. روى البخاري في الأدب المفرد حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذَافِيرِها».
ونعمة الأمن من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا، وهذا الفضل من الله هيَّأ له أسباباً تتمثل: في قيادة رشيدة راشدة مخلصة حريصة على استتباب الأمن وحماية البلاد والعباد من شرور المفسدين والمجرمين والمعتدين، ثم رجال أمن مخلصين الذين يقومون على هذا الأمن في الداخل والخارج فنَعِمْنَا بالأمن والطمأنينة الذي افتقده غيرنا فقتل الآلاف من الناس بمشاكل داخلية أو اعتداءات خارجية، وكم سمعنا ورأينا بما تنقله وسائل الإعلام من الحوادث والفوضى التي عمَّت وطمت في البلدان من المحن والفتن والحروب والمشاكل التي أكلت الأخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل وقتلت وسفكت وأفسدت الاقتصاد والاستقرار وخلقت الاضطراب وأصبح فيها الإنسان لا يأمن على نفسه وأولاده وماله وعرضه داخل منزله.
ونحن نتذكّر هذه النعم ونتذكّر ما يقوم به الرجال الأبطال فإن واجبنا أولاً أن نحمد الله ـ عز وجل ـ على ما نحن فيه من النعم ونسأله دوامها، وأن يدفع عنّا النقم، وأن نحافظ على هذه النعم بشكر المولى أولاً ونعزز الصلة بالله ـ عز وجل ـ والدعاء إليه بحفظها والمزيد من التأييد والنصر على الأعداء، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي وما يغضب الله ـ عز وجل ـ، والوقوف مع ولاة أمرنا، ورجال أمننا وأن يبعد عنهم وعنا كل ما يوهن صفنا ويفتّت قوّتنا وعزيمتنا بعدم الانسياق خلف الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة وعدم النشر، ومن الأمور المطلوبة أيضاً إخلاف العسكريين في أهليهم وأموالهم ففي كل مدينة وقرية لنا أقرباء وجيران وأحباب وأصحاب من المرابطين المجاهدين يجب علينا أن نخلفهم في أهلهم من والدَيْن وأبناء وإخوان وأن نقف معهم ونساندهم وندعمهم ونشدَّ من أزرهم. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «من جهَّز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازياً في سبيل الله بخير فقد غزا».
وقبل ذلك الدعاء ثم الدعاء لهم في الصلوات وفي الخلوات وأوقات الإجابة.
اللهم احفظ جندنا وأيّدهم بتأييدك وانصرهم على عدوّك وعدوّهم، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وجنبنا شر الأشرار وكيد الفجار.