في بداياتي الصحفية منذ زمن ليس بالقصير كتبت عن عمالقة الفن السعودي الذين أثروا حياتنا الفنية بفنهم الراقي التي مازالت محفورة في ذاكرتنا.
واليوم، أعود مرة أخرى للزمن الجميل لاسيما في الستينيات والسبعينيات الميلادية لنتناول سيرة الإعلاميين السعوديين الذين كان لهم شأن في الإتقان والموهبة والذين برعوا في اللغة العربية تخصصا ومهارة في وقت لم تكن أقسام الإعلام موجودة في الجامعات السعودية.. وعندما نتناول هذا الجانب لابد أن نشير إلى المذيعين السعوديين الذين قدموا أنفسهم للمستمع والمشاهد بكل مهنية واقتدار.. أنهم جيل من عمالقة الإذاعة والتليفزيون الذين لا يقارنون بجيل اليوم فهناك فرق شاسع بينهم.. لأن ذلك الجيل القديم عشقوا المهنة وأخلصوا لها ولم يفكروا بالجانب المادي بقدر اهتمامهم بها كهواية.
وجدير بنا أن نذكر في هذا الجانب المخضرم طامي (رحمه الله) الذي أبهر ليس سكان المملكة فقط، بل الدول المجاورة لها من خلال إذاعته، حيث كان يقوم بجميع الأدوار الإذاعية والفنية، وقبل هذا وذاك اختراعه لهذه الإذاعة بمجهوده وإمكانياته الذاتية، علما أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك براءات اختراع، ولو كانت موجودة لأخذت هذه الإذاعة جميع الجوائز، ونشير هنا إلى أن جلاله الملك سعود (رحمه الله) قد كرم هذا المذيع في أكثر من مناسبة.
وهناك أيضا جيل من المذيعين كان لهم دور مميز في خدمه الإعلام بالمملكة سواءً على مستوى الإذاعة أو التليفزيون ومنهم الأستاذ مطلق بن مخلد الذيابي (رحمه الله) الذي كان متعدد المواهب، والحال ينطبق على الدكتور الراحل بدر بن أحمد كريم الذي يعتبر حاله استثنائية ليس على مستوى الإعلام السعودي بل العربي لأنه انخرط في الإعلام كهاوي في البداية لكنه تدرج في هذا المجال حتى تحصل على شهادة البكالوريوس ودرجتي الماجستير والدكتوراه في أواخر حياته الإعلامية وهو يعتبر من المراجع والقامات الإعلامية.
ونذكر أيضا الأستاذ ماجد الشبل (رحمة الله) الذي يتمتع بثقافة عالية ولديه إلمام بجميع المهارات الإعلامية التي يستند عليها الإعلامي في عمله، أضافه إلى أنه محاور بارع بسرعته البديهية وقربه من المستمع والمشاهد، وكان قد أثرى الإذاعة والتليفزيون بالعديد من البرامج التي لا يزال يذكرها أجيال الأمس (جيل الطيبين) المصطلح الجديد لدى الجيل الحالي.. ثم يسوقنا الحديث عن الأستاذ والإعلامي الكبير عباس فائق الغزاوي (رحمه الله) الذي كان يعتبر واحدا من القيادات الإعلامية؛ حيث كان قريباً من المسؤولين والوزراء الذين تقلدوا مناصب عدة في وزارة الإعلام واستطاع أن ينشأ علاقة قوية معهم انعكست على الإعلام السعودي المرئي والمسموع, وهناك أيضا الدكتور محمد بن أحمد صبيحي الذي يعتبر واحدا من الإعلاميين المتميزين الذين أسهموا في تطوير الإعلام فكان دائماً يبحث عن زيادة تحصيله العلمي حتى حقق ما يريد بحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراه .. لنأتي إلى دور الأستاذ حسين نجار الذي لن ينساه الإعلام السعودي فقد كان وطنيا مخلصا سطر الكثير من الإبداع التي تبرز شموخ وقيم الإعلام السعودي .. ثم الأستاذ الكبير زهير الأيوبي (رحمه الله) الذي يعتبر من العمالقة خدمه للإعلام السعودي لاسيما في إبراز الدور الريادي الذي تقوم به المملكة لخدمة الإسلام وخاصة برنامجه الشهير (مجالس الإيمان) الذي كان يستقطب صفوه من رجال الدين في العالم الإسلامي .. ثم يأتي الحديث عن بندر الدوخي (رحمه الله) الذي يعتبر أيضا من الإعلاميين المخضرمين متعدد المواهب إضافة إلى مشاركته الإذاعية في بعض البرامج .. ثم تطوف بنا الذاكرة إلى الحديث عن الشقيقين الدكتور علي ومنصور الخضيري اللذين دخلا مجال الإعلام في وقت مبكر وهما في وظائفهما الحكومية حيث أبدعوا فيه وقدما أعمالا إعلامية للمستمع والمشاهد لازالت عالقة في أذهان كل من يتذكر الإعلام السعودي في الثمانينات والتسعينات الميلادية حيث نالا الشهرة والمكانة من خلال حضورهم الإعلامي المتميز، ومن الإعلاميين الذين كان لهم بصمات واضحة، نذكر الراحل الأستاذ محمد الشعلان كبير المذيعين في إذاعة الرياض؛ حيث كانت له إسهامات واضحة في تطوير هذه الإذاعة وقد شارك وأعد الكثير من البرامج التي كانت تقدم للمستمع بشكل مباشر خاصة تلك البرامج التي كانت تطرح بعض الأسئلة وتحاور المسئولين بكل شفافية.
ويمتد الحديث بنا أن نذكر الأستاذ علي النجعي الذي وصل إلى مراتب كبيرة في الإعلام السعودي - أطال الله عمره-، كما نذكر خميس سويدان والأستاذ عبدالله أبو زاهرة والأستاذ محمد الرشيد والأستاذ غالب كامل والدكتور عبدالله الشبيلي والمذيع الشهير سليمان العيسي (رحمه الله) والمذيع محمود كنانه (رحمه الله) والمخضرم عبدالرحمن يغمور والمذيع سليمان عبيد والأستاذ محمد كامل خطاب والأستاذ عدنان صعيدي والأستاذ حسان يحيي كتوعة، والأستاذ علي الثقفي والأستاذ فيصل العيافي والأستاذ ياسر الروقي والأستاذ عبدالله رواسي والمذيع أمين قطان والأستاذ ناجي محمود طنطاوي .. وفي الجانب الآخر لابد أن نتناول بالحديث بعض المذيعات السعوديات اللاتي كان لهن حضور كبير على الساحة الإعلامية بالرغم من التحديات التي واجهتهن في بداية حياتهن ونذكر منهن المذيعة المخضرمة نوال يخلس التي قدمت برامج متنوعة مثل «البيت السعيد وسلامتك»، وهناك أيضا المخضرمة سناء بكر يونس وشقيقتها دنيا ووفا اللاتي أسهمن بمشاركتهن الإعلامية في سد فجوة كان يعاني منها الإعلام السعودي لاسيما في العنصر النسائي من خلال تقديمهن لبرامج متنوعة التي غطت مساحة كبيرة من فعاليات العنصر النسائي ..
وهناك أيضا المذيعة المتألقة دوما دلال عزيز ضياء التي تتمتع بثقافة عالية متأثرة بوالدها الأستاذ الكبير عزيز ضياء (رحمه الله) مما مكنها من تقديم برامج إذاعية راقية ومن المذيعات المتألقات اللاتي كان لهن لمسة في الإعلام السعودي النسائي الأستاذة نجوى مؤمنة التي كانت لها ناصية من الإبداع في إذاعة جدة بحضورها المتميز من خلال برنامجها المفتوح التي كانت تطرح فيه الكثير من الأمور التي تصب في الهم الوطني ..
ومن المذيعات المتألقات أيضا نذكر الأستاذة مريم الغامدي والمذيعة الأستاذة سلوى شاكر والمذيعة جواهر سراج والمذيعة شيرين شحاتة.. والتحية والتقدير للمذيعات الجدد والمخرجات، وأخص بالذكر المخرجة المتألقة نجاح أبا الخيل والمخرجة سارة خوجة.
وفي الختام، كل هؤلاء يبقون علامات مضيئة في إعلامنا المسموع والمرئي نالوا التقدير والإعجاب، ويبقى علينا في هذه المساحة أن نذكر محاسن أمواتا وأحياء وفاءا منا تجاههم لأنهم رسموا صورة الإعلام المثلى لخدمة هذا الوطن.