هذه مجموعة مقالات سألتقي بها مع القارئ الكريم أتمنى أن تكون نافذة مفتوحة للحوار، الهدف منها تسليط الضوء على بعض مكامن الخلل في الشأن الاجتماعي الذي يطال حياتنا اليومية ونمط عيشنا، ومن ثم محاولة إيجاد حلول لها بعيداً عن التعصب للفكرة أو للأفراد، هنا في هذه الزاوية سأكتب ما يدور في خاطري من رؤى وتطلعات وآمال، بل وحتى خيبات أمل، علنا نجد من خلال هذا الحوار علاجا لبعض قضايانا المٌلِحّة.
لست ادّعي بأني أمْلكُ حلولا لتلك المشاكل، ولكن سنتطرق إليها معاً، وستكون المقالات أكثر ثراءً وعمقاً بتفاعلكم مع ما أكتب ومع ما أفكر به، هنا سأفكر بصوتٍ عالٍ لأني لا أعتبركم إلا أنا، ولأن الفكر الجماعي حين يتحد فإنه ينتج عنه ثورة فكرية تبعث الحياة في مفاصل منظومتنا الفكرية وتساعدنا على التخلص من كثير من المعوقات التي تقف حائلا بيننا وبين الرقي بمجتمعنا والرقي بمستوى رفاه حياتنا، بحيث تصبح مظاهر الحياة من حولنا أكثر جمالاً وأكثر استقراراً و أكثر نظاما و فاعلية.
إننا في هذه الحقبة من الزمن -كمجتمع سعودي- نمر في مرحلة تحول ولابد لنا أن نعي ملامح هذا التحول وان نشارك في بناء هذا التحول الذي نمر به، فالمجتمع السعودي مر بمرحلتين مرحلة ما قبل البترول ومرحلة البترول، مضى قرابة المئة عام والمجتمع السعودي يعيش في مرحلة البترول متماهياً مع طبيعة تلك المرحلة وما تفرضه من أطرٍ فكرية تحدد اتجهات وحدود الوعي الجمعي، والآن نحن على أعتاب مرحلة مابعد البترول والتي بدأت اعتبارًا من تاريخ 25 أبريل 2016 حين أعلنت الحكومة عن رؤيتها الإستراتيجية2030 تلك المرحلة التي نفْطِمُ من خلالها اقتصادنا عن الاعتماد على مصدر الدخل الناضب الذي ليس لنا فيه لا حولاً ولا قوة، وكذلك نفطم نظامنا الفكري عن نمط الوصاية الفكرية، الذي ساد في مرحلة البترول وما قبل البترول، مرحلة مابعد البترول هي حقبة تتسم بالعقلانية أكثر من مرحلة البترول، وكما ان الحكومة عازمة على تنويع مصادر الدخل وتغيير هيكلية الحكومة أو الجهاز الاداري للحكومة فإن على المجتمع أيضا أن يعيد هيكلة بنائه الثقافي علينا جميعا أن نعيد بناء علاقاتنا الثقافية، علينا ان نمحص الافكار وأن نراجع المواقف وأن ننقد أساليب حياتنا بمنهجية موضوعية وبمنطق هادئ دون تعصبٍ للفكرة أو للأفراد والمواقف.
إننا إن لم نقم بهذه المراجعة الثقافية فإننا لن نتقدم بل إننا سوف نتأخر ولن نواكب التغيير القادم الذي بدأت ارهاصاته تزداد وضوحا وإيقاعه يزداد وتيرةً.
على المجتمع الحي أن يتأقلم مع المتغيرات الجديدة وأن يخرج بأطرٍ فكرية جديدة كي يتعامل مع المتغيرات، وأن يراجع الكثير من سلوكياته الاجتماعية بل وبعض عاداته المختلطة بالدين، فلقد اختلط كثير من المفاهيم التقليدية أو العادات بالدين، وأصبح الأمر شائكا وأصبحت هناك العديد من الأفكار المنتشرة التي لا أساس لها في الدين وإنما هي مجرد مخلفات مرحلة البترول وما قبل البترول، حيث كان المجتمع خلال تلك المرحلة وليداً وحديث عهد بالعلم و الحضارة. أما مجتمعنا اليوم في مرحلة ما بعد البترول فإنه قد شب عن الطوق وبات لزاما على المجتمع المدني ان يقوم بدوره كمجتمع متحضر يشارك مشاركةً بناءة فاعلة في بناء الدولة، ويقوم بدوره المناط به كي يكون مجتمعا حياً ينبض بالحياة في كل يوم وفي كل شأنٍ من شؤونه..
معا في هذه الزاوية سنلتقي على خير لنتحدث عن هموم مجتمعنا.
- يسعدني تفاعلكم على تويتر sulimansadoun@