«الجزيرة» - حبيب الشمري:
اقترح إعلاميون خلال اليوم الثاني لورشة «تطوير الأدلة الإجرائية للبرامج التدريبية في الحوار بين الثقافات» التي نظمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالتعاون بين أكاديمية الحوار للتدريب التابعة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، تحت عنوان «الحوار بين الثقافات والإعلام»، بالنقد الذاتي والالتزام بالحياد والموضوعية ومكافحة خطاب الكراهية والطائفية والتطرف، داعين الإعلام إلى تحفيز التنوع الثقافي ومخاطبة العقل لا الغرائز.
وخلال الورشة استكمل المشاركون الجلسات والنقاش حول تطوير الأدلة الإجرائية لبرامج التدريب حول «الحوار بين الثقافات والإعلام»، حيث اقتصرت الجلسة الرابعة على عرض مسودة أولية للحقيبة التدريبية (الحوار الإعلامي) التي أعدتها وصممتها أكاديمية الحوار للتدريب بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وقدمها د. محمد السيد مساعد مدير الأكاديمية، وتحدث السيد عن تصميم الحقيبة وأهدافها ومراحل بنائها وتوزيع الأنشطة والتطبيقات وفق منهجية التدريب، كما تطرق لمنهجية التدريب المعتمدة في الأكاديمية.
فيما دارت الجلسة الخامسة حول «الحوار بين الثقافات في برامج التلفزيون والراديو»، وتحدثت فيها جيزال خوري، وشارك فيها الإعلاميون: د. أسعد مارون، ورشا نبيل، وندى عبدالصمد، وعلي الشهري، وأدار الجلسة الإعلامي زافين قيوميجان.
وناقشت الجلسة المبادئ التوجيهية للبرامج الإعلامية وأهمها التعميم، حيث تساهم وسائل الإعلام في استحداث بيئة سلام مستدامة في جميع برامجها وعليها بالتالي أن توفير مساحة للحملات التي تدعم المجتمعات الدامجة والمفتوحة استناداً إلى احترام التنوع الثقافي والديني بالإضافة إلى احترام مبادئ حقوق الإنسان، وكذلك تطوير برامج ثقافية متعددة اللغات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، والحرص على إمكانية وصول الجميع إلى هذه البرامج مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير برامج دائمة تجمع ممثلين عن مختلف الجماعات الدينية لتبادل الآراء حول مسائل التنوع الثقافي، إضافة إلى المشاركة الفعالة في مكافحة نشر خطاب الكراهية والتعصب والعنف، والإرهاب.
وخلال الجلسة تم التأكيد على حيوية دور الإعلامي في مساعدة المجتمع على التطور وعلى حماية الخصوصية بنفس الوقت، والوصول إلى الحريات واحترام حقوق الإنسان، الذي لا يتأتى إلا عبر التنوع والتعدد الثقافي، التنوع في جميع تفاصيل الحياة بدءاً من الفروقات بين الرجل والمرأة وصولاً إلى التنوع الطائفي والعرقي، إضافة إلى ضرورة تقبل التنوع في الفكر والثقافة والميول الاجتماعية والثقافية من أجل المحافظة على الهوية وتعزيزها.
وتساءل مشاركون في الورشة عن ثقة الجمهور بالوسيلة والرسالة الإعلامية عند محاولة نشر ثقافة الحوار ين الثقافات، وتساءل عن صورة تفاعل الجمهور مع الحدث في حين تنقله الوسيلة الإعلامية من زاوية واحدة، وطالب بالنقد الذاتي والالتزام بالحياد والموضوعية وتجنب خطاب الكراهية والطائفية وحتى المناطقية، وقال بأننا بحاجة إلى إعلام حر قادر على التعبير بكل حرية واحترام، إعلام قادر على تيسير مفهوم وقيم الحوار بين الثقافات، مضيفا بأن على الإعلام تحفيز التنوع الثقافي ومخاطبة العقل لا الغرائز، واقترحوا تعريف الداخل العربي بالداخل العربي وتعريف الخارج بالداخل العربي، التعريف بثقافات الشعوب، ونشر مواد إعلامية تعزز ثقافة الحوار، وطالب البرامج الإعلامية بالتعامل بالشفافية والإنصاف.
فيما تساءل آخرون عن كيفية تعزيز ثقافة الحوار، في حين ينتشر خطاب التحريض من قبل الإعلاميين ضد بعضهم بعض، ومزاولة بعض البرامج الإعلامية العيش في غربة عن مجتمعاتها، وطالبوا بتطبيق قوانين الإعلام على المؤسسات الإعلامية للحد من الظواهر السلبية التي تسيئ للقيم الإعلامية.
وحذر المشاركون من حالة «الاستقطاب الحادة» في الإعلام العربي، التي قد تحجب العديد من الآراء وتحد من حرية الصحافة ودورها في حماية القيم الثقافية، ويقلل حتى من حماية الإعلاميين، كما أبدت قلقها من غياب قيم الحياد الموضوعية وغياب الرغبة الجادة في التغيير والإصلاح في المؤسسات الإعلامية، وكذلك انتهاك الخصوصية، الأمر الذي يؤثر سلباً على مفهوم وقيمة الحوار، وقالوا إن شهرة وجماهيرية برامج «تولك شو» تستطيع المساهمة في نشر ثقافة الحوار، ودعوا إلى تفعيل ميثاق الشرف الصحفي للمحافظة على القيم الإعلامية وضمان تحقيق المسؤولية الاجتماعية الإعلامية.
وتحدث علي الشهري عن دور مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في نشر ثقافة الحوار وأسلوبه في تفعيل البرامج والرسائل الإعلامية من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي، وذلك عبر إنتاج أفلام توعوية أهمها فيلم «القاتل الخفي»، وكذلك تنظيم المركز لمسابقة «حواركم» للأفلام القصيرة التي تهدف لنشر قيم وثقافة الحوار والتسامح والتعايش ومحاربة التطرف والتعصب والكراهية بين الشباب.
وعقب الجلسة دار نقاش بين المتحدثين والحضور، ركز على أهمية إشراك الشباب في تصميم وصناعة البرامج والقرارات، وإعطائهم الفرصة في البرامج الإعلامية للمشاركة وإبداء آرائهم، كما دعت المداخلات إلى ضرورة الالتزام بالمواثيق الإعلامية للتقليل من الظواهر السلبية في قضايا الحياد والموضوعية والاستقطاب في الإعلام العربي.
وناقش المشاركون خلال الجلسة السادسة والأخيرة «دور الإعلام الديني في نشر ثقافة الحوار بين الثقافات، وتحدث فيها د. عبدالله الرفاعي عيد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، وشارك فيها الإعلاميون: شريف فؤاد، وماجد بو هدير، وأنس العبادي، وآمال المعلمي، وأدار الجلسة د. فهد السلطان نائب الأمين العام في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
وذكر د. عبدالله الرفاعي أن نجاح الحوار يقوم على تبني مؤسستين مهمتين له، وهما المؤسسة التربوية والإعلامية، وغير ذلك إنما هي أزمة في عملية وممارسة الحوار، وقال إن الإعلام بات عاملاً سلبياً في مجال الحوار نظراً للخلل الذي يشوب الخطاب الديني بالأساس، مشيراً أيضاً إلى تدني مستوى المهنية في الإعلام العربي لأسباب كثيرة، وعدم الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية لإنجاز المسؤولية الاجتماعية الإعلامية.
وقدم أنس العبادي تعريفاً عن مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية فيينا وأهدافه المركز المتمثلة في دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، وخلق فرص للحوار والتعاون ومجالات للعمل، من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمؤتمرات والبرامج التدريبية المتخصصة في الحوار بين الثقافات وبناء شبكة من المدربين الشباب ونشطاء الحوار محلياً وإقليمياً، وتحدث كذلك عن دور المركز في مناهضة العنف باسم الدين، حيث يضم قيادات دينية من عدة دول.
كما أكد العبادي على دور المركز في إقناع المؤسسات الدينية على ضرورة الاستثمار والحضور الفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي وبناء الثقة والشراكات مع المؤسسات الإعلامية، وكشف عن دليل تدريبي خاص بوسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار.
وخلال الجلسة الثانية التي دارت مساء أمس الأول حول «الحوار بين الثقافات في غرفة الأخبار»، والتي شارك فيها عبدالرحمن الهزاع أستاذ الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود، وأشرف العشري، ومحمود التميمي، وأدارتها فاطمة الكراي.
حيث طالب عبدالرحمن الهزاع مسؤولي غرف الأخبار بتوفير الحد الأدنى من التأهيل الشامل لا سيما في الجانب الثقافي لجميع العاملين فيها، وانتقاء كوادر إعلامية لديها قدر كاف من المهنية والثقافة، فيما تحدث محمود التميمي عن تجربته في غرفة الأخبار، وعن العلاقة المفصلية بين الغرفة وصاحب المصلحة والتي على ضوئها يتم تحديد الأهداف، وكشف عن قوة غرفة الأخبار على تغيير ثقافة الجمهور وتوجهاته.