سامى اليوسف
تقفز أول الصور في مخيلة من يقرأ العنوان أعلاه مشاهد الحب، الدلال والامتيازات ممزوجة بالمثل الدارج في منطقة الخليج «إذا حبتك عيني ما ضامك الدهر» خاصة مع حالة الصديق.
من يتمنى تقمُّص شخصيتيّ «الولد» و «الصديق» في الحياة هم الاتكاليون، الذين يرغبون بالنجاح والوجاهة دون طموح، أو عمل مخلص، وهم في الأساس الأقل مهارةً إن لم يكونوا الأضعف تأهيلاً بين أقرانهم.
في الواقع ، إنّ «ولد المدير» يحظى بعدّة امتيازات في المدرسة سواء كانت المدرسة حكومية، أو أهلية، بدءاً من حارس المدرسة ومرورًا بزملائه الطلبة، والمدرسين ووصولاً عند الإدارة، فهو فوق النظام ابتداءً من الطابور (عنوان النظام المدرسي)، سواء الصباحي أو في الفسحة للشراء من المقصف، ففي حين يصطف أقرانه في طابور وزحمة الشراء يجلس هو في غرفة والده، أو تأتيه «فسحته» إلى محله، ناهيك عن التمييز في المعاملة فنبرة صوته قد تعلو على «حارس المدرسة» ، وبعض المدرسين، ممن يخشون سطوة والده بحثاً عن «تقدير الامتياز»، ونصاب الجدول المخفّف من الحصص، وهو أساسي في فريق الفصل، ومنتخب المدرسة، وفريق فصله إن لم يحظ بامتيازات الحكّام من المدرسين، فهو بطل دوري المدرسة لا محالة، وهو من يحدد خصومه في المباريات، وأحياناً إذا انشغل والده، فإنّ أحد المدرسين يتكفّل بإيصاله إلى البيت معززًا مكرماً، وعند «الاختبارات» فإنّ النجاح مضمون.
وفي المدرسة الأهلية، قد «يسجل» اسمه طالباً منتظماً في السنة الدراسية الجديدة ووالده لم يدفع ، أو يكمل دفع رسوم السنة الماضية، وإن وصل في ذات المدارس للمرحلة المتوسطة، أو الثانوية ستكون له «شلته» وسطوته المؤثرة التي تجيز له حتى توظيف والد أحد أصدقائه مدرساً للرياضيات، حتى لو كان مسمّى وظيفته الأساسية في التأشيرة «محاسباً»، فالواسطة تصنع المستحيل، وتقرّب البعيد.
ما ينطبق على «ولد المدير» ينسحب على «ولد العميد» في الكلية، أو الجامعة، أو المستشفى .. فالشُّعَب والقاعات الدراسية، والأجنحة تفتح ذراعيها مرددةً «آمر تدلل .. لك عليّ الدلالي»، ومع جميع هذه الامتيازات قد يقع الولد المدلل في المحظور «ويجيب العيد» كما نقول في العامية ويرتكب حماقة تحرج «سعادة» الوالد المدير!.
أما في حالة، «صديق المدير»، فإنّ الأسرار والتحركات الخفية خلف الستار «مذهلة»، يكشفها الدلال الذي يحظى به هذا الصديق من بين أقرانه بالرغم من أنانيته وضعف تأهيله، ومهارته، وخبرته .. فالترقية و «الترشيح» للدورات، والسُّلف والانتدابات له فيها نصيب «الأسد» مما يلغي مبدأ المساواة والعدل بين العاملين أو الموظفين، فالأجدر يتم إقصاؤه لعيون «الصديق»، فتتأخر الترقية، ويحرم من حقوقه التي تكفلها له خبرته، وكفاءته، وهذا الأجدر تكون تحركاته تحت المجهر في كل تفاصيلها، والويل والثبور له إن وقع في خطأ بسيط يتم تضخيمه، وتنعقد له جلسة تحقيق، والعقوبة بالمرصاد، بينما الصديق تتم دمدمة عثراته، ونكباته حتى لو تجاوزت محيط العمل، بل إن الموظف المجتهد، والمنظم الذي يحرص على إنجاز أعماله، والمهام الموكلة إليه في التوقيت الصحيح، وبالطريقة الصحيحة لا يحظى بامتيازات مقارنة بالصديق!.
حالتا «ولد» المدير، و «صديق» المدير لم اخترعهما من بنات أفكاري، هي شخصيات حقيقية تعيش بيننا، تتنفس ذات الهواء، وتشرب من المياه نفسها، وتأكل معنا .. وهذه الشخصيات يتم استنساخها في كل الأوساط العلمية، والاجتماعية، والاقتصادية ، وفي وسطنا الرياضي حدث ولا حرج عن تكاثرها في الأندية، والفرق، واللجان، والاتحادات .. وهي تمثل العقدة التي توقف منشار مكافحة الفساد.
إنّ رؤية السعودية 2030 إذا تعاهدنا، وتضافرت جهودنا بإخلاص وحب كبيرين للوطن، كفيلة بتجفيف منابع الفساد أينما وجدت، وفي أي قطاع .. الأهم الإخلاص وأن تكون الكفاءة هي جواز المرور للمناصب ، والمواقع الإدارية المفصلية.
أخيرًا ،،،
يقول ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عرّاب الرؤية السعودية والتحول الوطني : «الفساد موجود في كل المجتمعات وفي كل الحكومات وبنسب متفاوتة، الذي يهمنا اليوم أن نكون في مقدمة الدول في مكافحة الفساد».