ماجدة السويِّح
أكثر من 100 من الأكاديميين المؤثرين على الشعب الأمريكي من خلال أبحاثهم الأكاديمية وتسخير علمهم لنشر الثقافة وتوعية الجماهير استحقوا عام 2006 لقب الأكاديميين الأكثر خطورة في أمريكا، لما يتمتعون به من شعبية وقدرة على الوصول والتأثير على الجماهير.
يرى الكاتب الأمريكي ديفيد هورويتر شعبية هؤلاء الباحثين في كتابه الذي جمع به أسماء أهم الباحثين الأكثر خطورة في أمريكا تضاهي شعبية نجوم السينما والرياضة.
يصف هورويتر فكر بعض الباحثين بالأكثر خطورة نظرا لآرائهم المعادية لسياسة الولايات المتحدة في العالم وتعاطفهم مع الحكومات غير الديمقراطية. تضم القائمة الناقد الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي المعروف بمواقفه المضادة للسياسة الخارجية والإعلامية لأمريكا، كما تضم الباحث الأمريكي روبرت ماك شيسني الذي لعب دورا بارزا في كشف دور الإعلام في بيع الحروب، وفند مزاعم تأثير الإنترنت على استقلالية الصحافة، فالواقع لا يعدو عن تحول اللاعبين الكبار في الإعلام الأمريكي التقليدي إلى الإنترنت من أجل إحكام السيطرة على الإعلام الذي يرى أنه يشكل تهديدا للديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية.
أول سؤال تبادر إلى ذهني بعد الاطلاع على هذا الكتاب من هم الأكاديميون المؤثرون في المجتمع السعودي؟! الواقع الأكاديمي السعودي يشهد ندرة الباحثين المؤثرين والأكثر قربا من الجماهير في المجتمع لعدد من الأسباب. أبرز هذه الأسباب الفجوة بين الإنتاج العلمي وواقع المجتمع ومشكلاته، ولعل ابتعاد العديد من الأكاديميين عن ممارسة المهنة السبب في تعزيز انفصال بحوثهم عن المجتمع ومشكلاته، ولتفادي الانفصال العلمي عن الواقع نجد الجامعات العالمية تشترط الخبرة العملية للمتقدم للدراسات العليا.
من ضمن الأسباب في ندرة «الأكاديميين الشعبيين» اللغة العلمية المستخدمة في المحاضرات أو البرامج التي تقدم للجماهير دون مراعاة لاختلاف الجمهور، ونشر بعض الباحثين نتاجه العلمي في كتاب دون جهود في تحريره للوصول لقطاع كبير من الجماهير، التي لن تقبل عليه بسبب اللغة العلمية المتخصصة. كما أن الواقع العلمي يشهد ظاهرة الدراسات المجمدة التي تبقى حبيسة المكتبات إلى أن يأتي باحث آخر لينفض عنها الغبار.
الجامعات ومراكز الأبحاث تظل رافدا مهما في تشجيع وتسويق الباحثين من خلال النشر المتخصص للأبحاث بلغة علمية واضحة، لذا أرى أن تساهم كل جامعة بالنشر المتخصص وتوزيعه على وسائل الإعلام للوصول إلى الجماهير، ويقع على الأكاديمي العبء الأكبر في تواصله ومشاركته من خلال وسائل الإعلام المتنوعة وشبكات التواصل الاجتماعية لنشر العلم والمعرفة والتغيير المنشود.
وأخيرا هل سنشهد قريبا قائمة بأكثر النجوم الأكاديميين تأثيرا في المجتمع؟!