د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** كنا نصفين؛ نصفًا مؤسلَمًا وآخر مقومنًا، ونصفًا يصلي ونظيرًا يُولي، ونصفًا مؤدلجًا وقبيلًا ممنهجًا، ونصفًا متعولمًا وغيرَه منكفئًا، وكنا نحب بعضنا وندافع عن بعضنا ونعيش مع بعضنا؛ فما الذي تغير فينا؟
** يُعرِضُ ذوو الحوارات الثقافية المرئية عن استضافة فهمي جدعان وعبدالله العروي وطه عبدالرحمن وحسن حنفي وعبدالقادر الفاسي ومماثليهم ويستبدلون بهم أسماءً لا تنتمي لعالم الفكر إلا بانتقاءٍ متحيزٍ واستقراءات إثاريةٍ وشعاراتٍ قد تصلح عناوين تسويقية لا أكثر؛ فهل نحن هشُّون إلى هذا الحد؟
** نُصر على إقصاء النخب عن المشهد الإعلامي والثقافي فنساوي التبر بالتراب ويتفوق فتىً ذو قسمات وفتاةٌ ذاتُ بسمات يضيفون إلى الفراغ فراغات ويتوارى علماءُ وعالمات فيحظى الشقيُّ الفدِم ويختفي الطُّلعة الفَهِم؛ فما الأمر؟؟
** نميل إلى انتهاج لغة الإحباط التي لا تكتفي بتوصيف واقعنا المتعثر فتقوض ماضيَنا المزهر ويتجذر في أذهان الأجيال تخلفُ التراث وتبعيةُ الحضارة وتعصبُ المواقف وعبثيةُ الوجود فنبقى محوًا نستجدي فتات انتماء ونبتل بقطرة ماء؛ فمن المستفيد؟
**اللغة تتراجع نحو المحل الأدنى لتختلط الضاد بالظاء والهاء بالتاء والمخفوض بالمرفوع وهمزة الواو بهمزة السطر وتفعيلاتُ الشطر بهذر النثر؟ ولم يعد للأسلوب الجميل مكانه فيُنعى على المتأني المتأنق ولا يعاب على السالق والسارق؛ فهل هو تنازل أم نزول؟
** اختفى التحليل السياسي ذو الوزن والاتزان وصار معظمه انطباعيًا مختطًّا التوجهَ والتوجيه، ولحقه التحليل الاقتصادي المرتبط بالمصالح والمسارح؛ فهل العشوائية والخفة والشخصنة مسؤولةٌ عن تخبط المواقف وضياع الاتجاه؟
** نفتقر إلى كتب تأريخٍ توثّق مراحل شفاهيةً مهمة دون أن يطالها قلم الرقيب أو أقفاله؛ فهل القراءة الأُحادية المعتمرةُ شكلًا ثابتًا في مصلحة الحقيقة أو لخير الغد؟
(2)
** عيناتٌ من ظواهر مستطيلةٍ ما نفتأُ نسمعها أو نقرأُها مصحوبةً بمقالاتٍ وتفسيراتٍ لا تستطيع لجمَ الأسئلة المتولدة عنها فتضيف علائم حيرةٍ حول حكاياتٍ تُشغل الرؤوس وتُرهق النفوس وتظل تترددُ وتتعدد.
** ليست أسئلةً فكريةً مجردةً كي نسعد بها؛ فالسؤال معرفة والحوار حوله إضاءات، لكنها علاماتٌ تخاطبُ العقل الحائر والضمير المشتعل والعاطفة المحتدة وتتولّد عنها استفهاماتٌ أقسى؛ فلا يمكن أن يكون الدينُ سببَ التشظي؛ أفيكون فهمَه؟ وهل خلونا من الكفاءات كي نمتِّن الهوامش؟ وهل نرجو النهوض من عثراتنا بالحكواتيين والتسطيحيين؟ وهل اللغة مجرد لغو والتاريخ حدوثات والكتابة إزجاء وقت؟ وما الذي نجنيه من الباكين والشاكين والشامتين والشاتمين والمرتزقين والمتسلّقين؟ وهل نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة عقولنا البسيطة المجردة من الإمكانات أم أن عقولَ من يستطيعون التأثير والتغيير أجدى وأجدر؟
** السؤال المعلَّق جوابٌ مغلق.