سمر المقرن
ها هي ساحات المحاكم بدأت تفتح أبوابها لعمل المرأة، فمن بعد أن دخلتها المحاميات، تم فتح التوظيف لكاتبات العدل من الخريجات والكفاءات القانونية، وهذه أخبار جيدة تمنحنا الحق بالمزيد من المطالب، خصوصاً وأن المحاكم هي لا تخص بالرجل وحده، بل هي للجنسين، إذا ما توقعنا أن عدد النساء المراجعات قد يفوق عدد الرجال وهذا ليس كلام عن دراسة أو إحصائية، إنما توّقع -شخصي- بالنظر إلى نوعية القضايا من جهة ومقارنة عدد النساء من السكان من جهة ثانية.
وجود المرأة في جميع أقسام المحاكم هو ضرورة مُلحة، إذا ما نظرنا إلى بعض الآليات المتبعة مع المرأة المراجعة فنجد أن تعاملها مع امرأة مثلها أفضل لها، وتقليص للمشكلات الحاصلة -أحياناً- من مراجعتها لرجل. إلى ذلك فأنا لن أكتفي بوجود المرأة في المحاكم إلى هذا الحد، بل وأعيد اليوم مطالبات قديمة كتبتها في مقالات سابقة عن أهمية تولي المرأة للقضاء، فهي الأولى بأن تبقى على ميزان العدل في المحاكم الأسرية مبدئياً، وهي أقرب إلى هذه القضايا شعوراً وفطرة، وأجزم أن كثير من المشكلات التي تعاني منها النساء في المحاكم والشعور في بعض الأحيان بالاضطهاد ستتقلص أو تختفي إن هي وقفت أمام قاضية، تشعر بأمومتها وفطرتها في قضايا الحضانة، وتشعر بالغبن الواقع عليها في قضايا الطلاق ذات السيناريوهات الموجعة!
بالنظر إلى تجارب الدول الأخرى في تولي المرأة القضاء نجد كثيرا من التجارب الناجحة في عدد من الدول العربية والإسلامية، وبعيداً عن هذه الدول أذكر ذات مرة زرت فيها محكمة كارديف في بريطانيا، وقابلت عدد من القاضيات وواتتني الفرصة لحضور بعض الجلسات، في أحد منها كانت محاكمة فتاة اعتدت بالضرب على زميلها وكانت محاكمتها عند قاض رجل، كنت أجلس بجانب أمها وخالتها، فسألتها لماذا لم تتم محاكمتها عند امرأة قاضية، فردت: (الرجل القاضي أرحم).. هذه الجملة تعيد لي التفكير فيمن يرى عدم صلاحية المرأة لمثل هذه الولاية بحجة «عاطفتها» مع أن المرأة وعلى مرّ التاريخ وفي مواقع ولاية أكبر من القضاء أثبتت أن العقل هو من يُحركها، وأن العاطفة هي حالة جزئية، بطبيعة الحال لا أتكلم عن كل النساء إنما أتكلم عن المرأة التي تصلح لمثل هذا المنصب، كما أنني لا أتكلم عن كل الرجال لأن منهم من هو عاطفته أكثر رقة من المرأة، لذا فإن العاطفة مسألة نسبية لا تختص بالجنس بقدر ما تختص بالصفات التي تُميز إنسان عن آخر.
من «بلقيس» ملكة سبأ، وإلى «أنجيلا ميركل» المستشارة الألمانية، ومع اقتراب «هيلاري كلينتون» من مقعد الرئاسة الأميريكية، فإن المرأة في مواقع صنع القرار لم تفشل أبداً!