مدخل:
(كلمات تربوية, ودوائر أخلاقية في ظلال آيات كريمات, وهي أسئلة عن أخلاقنا بصورة مباشرة ثم تبحث عن إجابة محفزة لعلها «تثبت» داخل هذه العاصفة التي اجتثت الكثير من الأخلاق..)
عبسَ وتولى.!
حركة يسيرة وسريعة في تعابير وجه أحسن الناس خلقًا الحبيب الرفيق الرحيم الكريم - صلى الله عليه وسلم-.
التقطها القرآن الكريم ولم يتركها تعبر أو تمر بسهولة.. لا.. لا.
المشاعر يحترمها القرآن, ويجلها ويحب ألا تخدش حتى بالعبوس.
عبسَ وتولى.!
مرة ثانية الرجل أعمى (لا يبصر شيئاً), كيف سيكون الحال عليه لو كان مبصراً؟!
القضية أكبر من هذا الأمر, إن المشاعر والتعابير تصل للقلب في مرات كثيرة قبل الأذن والعين وربما تتفوق عليهما في الأثر النفسي قبل الحسي, والشواهد تؤكد ذلك سواء من كتب التاريخ أو الواقع المعاصر أو الدراسات النفسية.
عبسَ وتولى.!
سجلها «عتاب لطيف», ودونها «توجيه كريم» وبقيت صفحة تتلى وآيات تقرأ من تلك اللحظة التي جمعته - صلى الله عليه وسلم - مع كبار كفار قريش الذين هم ألد أعدائه وأقوى خصومه، وستبقى إلى أن يشاء الله أن يرفع كتابه الكريم من صدور الرجال.
بله العجب أنه يقرأها أو يسمعها هؤلاء الكفار في طرقات المدينة..
هل كان يجول في خواطرهم وتتحدث نفوسهم أن هذا انتصار فازوا فيه؟! من يدري؟ -سبحان الله وبحمده-.
قد يتوقع أو ينتظر من يرصد تلك المرحلة - ولا نجزم بهذا الرأي - أن تنزل آيات مسلية وداعمة ومحفزة وناصرة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد سلسلة من الإعراض والتكذيب والعداء المعلن البغيض.
كل هذا لم يحدث أبداً.. وإنما نزلت آيات في «التهذيب» و»التوجيه».
ليس هذا فحسب, - النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - في بداية طريق الدعوة لكل الناس جميعاً وهو طريق شاق وطويل ومع هذا يتلقى - أحسن الناس خلقاً - هذا العتاب الجميل حتى يظهر بأجمل الأخلاق وقد كان كذلك.
عبسَ وتولى.!
إن المنابر التربوية والدوائر التعليمية والمراكز الإعلامية ورواد الدعوة وحملة الأقلام والفكر وصاحب القرار بل كل أب وأم يحتاجون للوقوف عند هذا المعنى وبسطه وغرسه في عقولهم أولاً ثم في قلوب ناشئتهم منذ فجر طفولتهم حتى يعتادوا عليه ويكون سجية وطبعًا يتخلقون ويمارسونه بعفوية دون تكلف.
إن الدعوة إلى العقيدة الصحيحة والترغيب فيها والتحذير من أضدادها هي رسالة الأنبياء والمرسلين كما أن الأخلاق والدعوة إليها والترغيب فيها والتحذير من أضداها هي رسالتهم كذلك.
ولعل الحظوة التي جاءت في الأحاديث الكثيرة عن الأخلاق (سواء الترغيب فيها أو التحذير منها) يفسر قيمة هذه السلوك وعلو منزلته عند الله وعند رسوله الكريم وعند العقلاء من الناس.
إن القرآن الكريم -أيها النبلاء - يلفت النظر إلى أحسن وأجمل التعابير في صفحة «وجهك»..
بقي السؤال الذي يضغط علي وعليك وعلى كل الناس.. كيف حال التعابير على ألسنتا إذاً؟!
«عبسَ وتولى».!