دعوة كريمة وهامة أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لإنشاء لقاءات حوار بين علماء ومفكري الأمة الإسلامية إدراكا منه -رحمه الله- بما يعصف فيها من اختلافات قللت قوتها ووحدتها، ولأنه وكما وجد لقاءات وحوارات مهمة بين أصحاب الحضارات فهذا الحوار من باب أولى.
ومازالت هذه الدعوة تنتظر النور والبدء الفعلي لتطبيقها وإن عشمنا بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- كبير لتحقيق ذلك لأن بلاد الحرمين هي مهبط الرسالة وقبلة المسلمين ومكان لقاءاتهم بمواسم الحج والعمرة، فهي أولى من يبادر بهذه المهمة الجليلة للم شعث وتوحيد الكلمة.
وإني إذ أطرح هذا الموضوع للمناشدة والمناقشة أحب أن أدلي ببعض ما يختلج في خاطري من آراء وأفكار، فأقول وبالله التوفيق:
1- علينا ومن باب المصلحة أن نتجاهل ونتناسى واقع حال الأمة الإسلامية المرير من وجود أحزاب وفرق وجماعات حتى لا يظن أحد أو يفكر أنه المقصود بصاحب الخطأ، بل يكون العمل على أن هناك وجود أخطاء متشعبة ومتفاوتة يسعى إلى تشخصيها وبحثها ومعالجتها من خلال الحوار وأنه يوجد قيم وإيجابيات رائعة لدى الكثير يسعى إلى تعزيزها والإشادة بها فلا بد أن يكون القائمون على الحوار لا توجهات ولا مواقف مسبقة لديهم تجاه بعض الجماعات والأحزاب وإلا لا فائدة أصلاً من ذلك.
2- أن يكون النهج في الحوار البعد عن حظوظ الأنفس أو الأهواء السياسية استشعاراً لحقوق الأخوة الإسلامية وتعظيماً لكلمة التوحيد التي ينطقها ويعتقدها كل مسلم ويعمل جاهداً على تحقيقها فيعرف لكل أحد أصل حقه وأخوته مهما اختلفنا معه مادام ملتزما بذلك.
3- أن يكون منطلق الفكرة وقاعدتها ومرجعها القرآن والسنة لكونهما مصدراً التشريع الإسلامي. فكل خطأ يناقش ويوضح بأسلوب علمي رزين، وكل فضيلة يشاد بها وبرفع من قدرها.
4- أن يكون لدى القائمين على الحوار إدراك تام أن الأخطاء الواقعة لدى البعض ليست بدرجة واحدة فمنها:
أ- أخطاء عقدية متفاوتة من ناحية الأصول أو البدع ويفرق بين الأصول المخرجة من الملة أو غير المخرجة. وهكذا البدع مع الالتزام بما قرره أهل العلم السابقون بشأن معرفة الأسباب والمسببات ووجه الالتباس قبل الحكم على الآخرين لأنه ربما وقع فيها أصلاً عن اجتهاد أو تدين بسبب قلة العلم.
ب- أخطاء منهجية في العمل، وهذه جل الأخطاء التي تقع من بعض أفراد الجماعات، فينبغي على القائمين على الحوار مناقشته من منطلق شرعي رزين ومؤصل مراعى فيه المصالح وسد الذرائع ووحدة الأمة بعيداً عن الأهواء السياسية أو الحزبية.. وهي أيضاً تتفاوت في درجاتها.
ج- اختلافات فقهية سببت التفرق والتعصب لقلة الفهم، وهي كثيرة جداً مثل القنوت في صلاة الفجر ورفع اليدين عند التكبير للصلاة والجهل بالبسملة في الصلاة.. وحقيقة هذه لا إشكالية فيها لأنها مسائل فقهية لكن كثير من العامة ولقلة علمهم وعدم توضيح العلماء والدعاة يظنون أنها من البدع وبعضهم يجعلها من أصول المعتقد والذي يعمل بالخارج يدرك ذلك بكل جلاء.
5- تأكيداً لما سبق بالفقرة السابقة لابد أن تكون هناك أولويات للأخطاء التي تناقش وتطرح بحيث لا تستهلك الأوقات بطرح مسائل وإشكاليات أقل أهمية من غيرها، وأن يترسخ أن القصد من هذه الحوارات توضيح الأخطاء بأسلوب أخوي رصين وهادف لتعزيز القيم الموجودة بمثل هذا الأسلوب وليس لأجل التشهير والتنفير وزيادة التفرق.
6- أقترح أن يتولى زمام هذه المهمة جهة عالمية إسلامية معتبرة كرابطة العالم الإسلامي أو منظمة التعاون الإسلامي.
وفي آخر المقال أؤكد على ما سبق خاصة بفقرة (1، 2، 3، 4) لأجل أن يحصل القصد ويلتحم الصف لتتوحد الكلمة وتعتز الأمة الإسلامية.
- الملحق الديني السعودي في جاكرتا