إبراهيم عبدالله العمار
في 1977م، حدث شيء كبير في تاريخ الولايات المتحدة: توفي إلفيس بريسلي. كان أشهر المغنّين وإلى اليوم وهو من أشهر الشخصيات الأمريكية. ضج البلد بالرثاء. لكن في نفس اليوم، وقبل وفاته بسويعات، حدث شيء أهم، شيء ربما يؤثر على كوكبنا كاملاً: استَلَمنا إشارة واو.
ما هذه الإشارة؟ قبل أن نعرف دعونا نزور مقالة أتت في مجلة Nature العلمية عام 1959م، وتقول أنه لو كان هناك حضارة عاقلة تريد التواصل مع حضارة أخرى فأفضل طريقة استخدام إشارات التردد اللاسلكي، فهي رخيصة، سهلة الإنتاج، وتقطع مسافات شاسعة بطاقة بسيطة، ومن أراد اختيار التردد المناسب فأفضل خيار شئ يشير لرقم كوني شامل، وفي رأي المجلة فالهيدروجين أفضل خيار لأنها أغزر في الكون، وأي عاقل يستطيع التواصل سيعرف أن الهيدروجين يصدر إشعاعاً كهرومغناطيسياً يُقدَّر بالرقم 1420 ميغاهيرتز، وهذا هو الرقم الذي سيكون ذا معنى في أي مكان في الكون. يجب أن يكون التردد فقط 1420، فإرسال إشارة تحوي ترددات كثيرة يتطلب طاقة كثيرة. بالإضافة لهذا لا يوجد أي عملية طبيعية تُصدر هذا التردد كارتطام كواكب أو صوت مذنّبات، فإذا أتت إشارة بتردد 1420 فالمعنى أن كائناً عاقلاً أرسل الإشارة عمداً.
وفي 15 أغسطس 1977م، استلم كوكب الأرض هذه الإشارة.
اتسعت عينا المسؤول ذلك اليوم لما ظهرت الإشارة وحدّق فيها. معقول؟ طَبَعَها وكتب مدهوشاً على الهامش: «واو! Wow!»، وهي كلمة تعجب وحماس، وهذا الاسم الذي استمر حتى اليوم: إشارة واو.
هل تعلم سبب أهمية هذه الإشارة؟ ليس فقط لأنها رسالة محتملة من كائنات عاقلة، بل لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتواصل، وهي أن يتواصلون هم معنا، ذلك أن أعظم التقنيات البشرية لا تزال تعجز أن تصل للكواكب خارج المجموعة الشمسية، ورغم أننا أرسلنا مركبات وأقمار لأماكن بعيدة (بعضها لا زال في الفضاء بعد عشرات السنوات) إلا أن الكواكب المحتمل وجود الحياة فيها أبعد بكثير من مستوى تقنياتنا، فلو أن هناك حضارة تستطيع وصولنا فهذا هو الحل الوحيد.
من أرسل الإشارة؟ تأكد العلماء أنها لم تأتِ من مصدر بشري. وصلوا إلى تقدير لمكان مصدر الإشارة في الفضاء، لكن...تلك المنطقة لا تحوي كواكب، إنها فضاء. مضت عقود ولم تعُد الإشارة. الكل حاول التفسير لكن لا شيء مقنع. شُكِّك أن تكون من كائن عاقل، قالوا: «الإشارة أتت مرة فقط ولم تستمر أكثر من 3 دقائق، ولا نظن كائنات عاقلة ستكتفي بهذا». لكن هذا التفسير غير مقبول، لأننا نحن البشر فعلنا كثيرا! دائماً نرسل إشارات للفضاء، تلبث يسيراً.
قال الفيزيائي الشهير أنريكو فيرمي عام 1950م: «أين الجميع؟»، قالها مستغرباً عدم اكتشاف حياة في الفضاء رغم أنه يحوي فرصاً لانهائية لذلك. رد علماء: لعل الكائنات لا ترغب التواصل؟ أو أنها وصلت وتعيش بيننا ولا ندري؟ لكن الأرجح أننا لا نبحث بصحة، وحتى لو بحثنا فلا ندري عمّا نبحث عنه، فلو أن هناك حضارة فإن إشارتها المرسَلة ستكون فوق قدراتنا، وإشاراتنا ستكون بدائية جداً لهم.
إذاً، ما فصل القول في إشارة واو؟ لا أحد يدري. يقول الكاتب العلمي مايكل بروكس إن أقرب احتمال – خاصة أن مصدرها فارغ من الكواكب – هو أن مركبة فضائية كانت هناك، وأرسلت الإشارة لنا خطأ، ربما كانت ستوجهها لمكان آخر لكنها وصلت لكوكبنا.
ماذا تظن؟ مَن أرسل لنا إشارة واو؟