أُصيب الطفل الصغير بمرض جعله ووالدته لا يعرفان طعم النوم. احتارت الأم الحنون والقلب الرحيم.. ماذا تفعل؟ وكيف تتصرف لكي تجد العلاج لطفلها؟ فقد تعبت من العلاج والأدوية التي لم تعمل شيئًا أو تخفف من آلامه التي حوَّلت ليلهم إلى نهار وأحزان.. كان الطفل الصغير كلما تناول شيئًا أرجعه من فمه مصحوبًا بالدماء الغزيرة، ومع هذه الدماء كانت الأم تبكي بحرقة، وترفع يديها إلى رب العزة والجلال متضرعة داعية لفلذة كبدها بالشفاء، وأن ييسر الله له العلاج الشافي المريح له ولها.
سعادة الأم الحنون تكمن إذا رأت فلذة كبدها خلد للنوم ولو لساعة أو أقل، ومع هذه الغفوة يشرق وجهها بالسعادة والاطمئنان بأنه أصبح في حال أفضل، وما هي إلا لحظات ويعود الطفل الصغير للبكاء ونزيف الدماء من فمه؛ فيخيم الحزن والبكاء من جديد على الأم التي لا ملجأ لها ولا ملاذ إلا رفع كفيها لمن لا يخيب من يترجاه، الذي يعلم بحال خلقه، الشافي المعافي..
ألهمها الله أن تأخذ ابنها في تلك الليلة لأحد المشايخ المكفوفين الذين كانوا يسكنون بالقرب من منزل الأسرة. توجهت الأم بصغيرها مستجيبة لإلهام ربها.. توجهت لذلك الشيخ الذي بدأ يقرأ آيات من كتاب الله الكريم، ثم ينفث على صدر الطفل، ويمسح جسمه. وتكرر الموضوع قرابة أسابيع معدودة..
شعرت الأم الحنون بأن صغيرها بفضل من الله وكرمه ورحمته تحسنت حالته، وأصبح ينام كسائر الأطفال، كما عمت البيت الفرحة؛ كون الجميع كانوا يعانون من مرض شقيقهم!
وفي إحدى المرات ذهبت الأم بصغيرها إلى الشيخ لاستكمال القراءة عليه. والشيخ الكفيف يقرأ وينفث على صدر وجسم الطفل. وعلى ما يبدو، فإن الطفل استغرق في النوم والشيخ الكفيف لا يدري أن الطفل نائم؛ فظل يقرأ وينفث. وعلى ما يبدو، فإن الشيخ زاد في النفث، وازداد معه رذاذ النفث؛ فاستيقظ الصغير؛ فقام بصفع الشيخ على وجهه لا شعوريًّا طبعًا؛ فتضايق الشيخ وأصبح يتمتم بكلمات فهمتها الأم؛ فأخذت تضرب الصغير على يديه؛ لتشعره بأن ما فعله غلط بحق الشيخ. تفهم الشيخ الموقف، وطلب من الأم أن لا تضرب الصغير؛ لأنه لا يدرك ما فعل..
طلب الشيخ من الأم ألا تأخذ بخاطرها منه للكلمات والتمتمات التي قالها بعد أن صفعه الطفل؛ كونه أدرك أن الأم فهمت تمتماته.
لم يخيّب الله الأم؛ فقد جعل الشفاء بأمره ورحمته - وهو الشافي المعافي - على يد الشيخ، وجعله سببًا في الشفاء.
- محمد عبدالعزيز اليحيا
Mhd1999@hotmail.com