رمضان جريدي العنزي
في البدء أود أن أنوّه إلى حقيقة جلية وواضحة، وهي أنّ الدولة الرشيدة، أعزّها الله ورفع من قدرها وشأنها، قد أولت أهمية قصوى للمستفيدين من الضمان الاجتماعي بكل أطيافهم وتنوعاتهم، ودعمتهم بشتى الطرق المتنوعة، وعملت وتعمل بشكل مطلق على التخفيف عن كاهلهم المثقل، ومحاولة توفير سبل الراحة والعيش اللائق الكريم والمحترم لهم، وهم عادة الكهول والمطلقات والأرامل، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وأُسر السجناء وأُسر مدمني المخدرات، والأُسر المهجورة والمتغيب عنها زوجها، والسعودية أرملة الأجنبي، والعاجز عن العمل عجزاً دائماً أو مؤقتاً، ولذلك لا مجال بعد اهتمام الدولة بكل هذه الفئات للاجتهاد في إيجاد القرارات الفردية التعسفية، واستخدامها في تحقيق نوايا وغايات ومرادات لا فائدة مرجوّة منها ولا معنى لها، إنّ ما يتقاضاه أصحاب الضمان الاجتماعي يُعَد قليلاً ويسيراً وبالكاد يكفي وربما لا يكفي في كثير من الأحيان، لشراء علبة دواء لمرض مستعصٍ.
لقد تفاجأت وكثيرون غيري، بأنّ الضمان يتم إيقافه فوراً حين يسافر صاحبه أو صاحبته خارج المملكة!!!، إلا أنّ هذا القرار الجائر استثنى حالات السفر للعلاج، شريطة!! .. إحضار ورقة معتمدة من الدولة التي سافر إليها تفيد بأنّ المستفيد كان يتلقى العلاج في مستشفياتها!، أو أن يكون مرافقاً لأحد المرضى من الأقارب المقربين وإحضار أوراق ثبوتية رسمية، ويتم رفعها إلى الوزارة، كي يتم البت في موضوعها، إنّ هذا القرار يشكل صدمة نفسية ومادية للمستفيد الذي لا يراد منه من خلال هذا القرار التعسفي، الخروج خارج الحدود مطلقاً، وكأنه غير إنسان حي لا يمكنه السفر أو الاستجمام، كما يفعل بقية الناس ولو لأيام معدودة، إضافة إلى القرارات الأخرى بعدم تمكين مستفيدي الضمان الاجتماعي من استقدام السائقين والخدم والرعاة..!! إنّ دولتنا الكريمة عملت كثيراً على تحقيق التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه ديننا الحنيف، كأحد الأُسس التي من خلالها تحقيق الحياة الكريمة للمحتاجين في المجتمع، وتبعاً لذلك أوجدت العديد من أشكال العطاء التي من خلالها يتحقق هذا التكافل، لكن هناك من يجتهد اجتهاداً كلياً في إيجاد القرارات واللوائح والتنظيمات التعسفية التي لا تخدم هذه الأُسر المحتاجة وتسرها، بقدر ما تضرها وتسيء إلى حالها، وتصيبها بالانتكاسات المرة، إنّ على القائمين على الضمان الاجتماعي سرعة إصلاح الحال، وتغيير الأنظمة والقوانين واللوائح والأساليب، وعدم تضييق الواسع على المستفيدين من الضمان الاجتماعي، والبحث عن استقرار النفوس وهدوئها وراحتها، إننا نريد أن يكون الضمان الاجتماعي عندنا أنموذجاً يحتذى به، وأن يحطم الصيغ التقليدية في مساعدة الأُسر الفقيرة وحمايتها من التفكك والتشرد ووضعها على المحك والمنزلق، وأن يكون القائمون على هذا الضمان مهيئين وواعين ومدركين لمقتضيات التغيرات الاقتصادية والاجتماعية السريعة والباهظة، وعليهم إظهار معالجات كبيرة وتدابير واسعة في هذا الأمر، بعيداً عن سلبية القرار، والحلول الجزئية، والقرارات الفردية المستعجلة، لقد آن الأوان لأن يتم التعامل مع موضوع الضمان الاجتماعي بالاهتمام الذي يستحق، والرقي به نحو ما تطمح إلية قيادتنا الرشيدة في تقديم أفضل وأيسر الخدمات لهذه الأسر والتخفيف من معاناتهم، لا إلى ما يصيبهم بالسأم والكآبة والقلق.