عبدالله العجلان
كثيرون وأنا منهم أثنوا على قرار لجنة الانضباط الأخير المتضمن معاقبة فريق المجزل بتنزيله من الدرجة الممتازة إلى الدرجة الثانية، بسبب التلاعب بنتيجة مباراته أمام الجيل في الجولة الأخيرة من دوري الدرجة الأولى، ومردّ هذا التأييد للقرار ليس كرهاً بالمجزل الذي نال إعجاب وتعاطف الرياضيين بعد تصدُّره لدوري الأولى وصعوده للممتاز، وشخصياً كتبت عن إنجازه تحت عنوان (عند كيال والمجزل الخبر اليقين) مشيداً بجهود ونجاح إدارته، وإنما لأن وسطنا الرياضي والكروي تحديداً يحتاج لمثل هذه القرارات القوية الحازمة الرادعة، بعد أن سادت الفوضى وفاحت رائحة الفساد في كثير من التعاملات الفنية والإدارية والمالية للأندية واتحاد الكرة ..!
القريب والمتابع للشأن الكروي السعودي يلمس بوضوح ما يثار من اتهامات متعددة ومتنوعة، لم تقف عند حد التشكيك بقرارات لجان أو حكام أو نتيجة مباراة، بل تجاوزتها إلى درجة أن هنالك رشاوي موثقة للاعبين ومدربين وإداريين مازالت أسيرة الأدراج، هذه الأجواء غير الصحية من الطبيعي أن يكون لها انعكاسات سلبية على كل مكونات ونتائج كرة القدم السعودية، والإشكالية هنا أن اتحاد الكرة ظل صامتاً غائباً تماماً، وكأن هذه الاتهامات الخطيرة لا تعنيه ولا تشكل ضرراً على مصداقية إدارته وسلامة برامجه وأنشطته ومسابقاته، الأمر جعل كثيراً من القضايا الرياضية تتأزم ، والحلول تزداد صعوبة وتعقيداً، ومخرجاتنا الكروية تضعف وتتراجع..
الأسوأ من هذا أن اتحاد الكرة أصبح مع مرور الوقت جزءاً من المشكلة إن لم يكن هو كل المشكلة، وبسبب صمته وضعفه ورط نفسه في قضايا وتجاوزات جعلته عاجزاً عن إدارة شؤونه الداخلية قبل أن يفرض شخصيته ويمارس صلاحياته على المنتسبين له، هو لم يفقد هيبته ومكانته وشخصيته فحسب، بل فقد ما هو أهم فلم يعد موثوقاً به ولا بقراراته من قبل الأندية، وقضية التلاعب الأخيرة تؤكد هذه الحقيقة حينما اتجه من بحوزته الملف بكامل وثائقه إلى رئيس الهيئة العامة للرياضة وليس لرئيس اتحاد الكرة، وهذه خطوة ذكية منه ومهمة ومفصلية في حسم القضية، لإدراكه مسبقاً أن حقوقه ستضيع في دهاليز الضياع والفوضى في اتحاد الكرة، مثلما ضاعت وذهبت مع الريح ملفات أخرى، وهنا أستغرب من الذين وصفوا هذه الخطوة بالتدخل في عمل الاتحاد، وهم بذلك يجهلون أو يتجاهلون أن الاتحاد أضعف من أن يتخذ قراراً بإيقاف لاعب فكيف بإصدار عقوبة كهذه، وأجزم أنه - أي الاتحاد - لم يكن ليصدرها لو لم يمر الملف على الهيئة أولاً، ولو لم تقدم له وثائق الإدانة المثبتة بالصوت والصورة والإمضاء..
الآن وبعد النجاح الذي حققته الهيئة العامة للرياضة في قضية التلاعب بنتيجة مباراة في دوري الأولى ، ولأنّ هنالك ملفات أخرى لا تقل خطورة وأهمية وتتعلق بالتلاعب بحقوق وأموال الناس وبسمعة المملكة دولياً، على الهيئة بعد أن فقد الجميع الثقة باتحاد الكرة، أن تواصل حزمها وتكون عادلة لا تستثني أحداً في موضوع ديون الأندية، خصوصاً أن التساهل في هذا الجانب سيدفع بقية الأندية إلى ممارسة العبث نفسه، ما سيترتب عليه لاحقاً التزامات مالية أكبر وأخطر يستحيل احتواؤها والتعامل معها..
المميّز .. سليمان اليحيا
فقدت حائل الأسبوع الماضي واحداً من أبرز أعيانها هو الشيخ سليمان عبد الله اليحيا يرحمه الله، عرفت أبو فهد جاراً وفياً ورئيساً مبادراً وداعماً لنادي الطائي وللرياضة في المنطقة، وعرفه الكثيرون من مختلف فئات ومكونات المجتمع الحائلي كرجل مختلف في خيره وعطائه وسخائه وحتى أسلوب حياته، يتفاعل مع الجميع ويستقبل ببشاشة وحفاوة كل زوار وضيوف حائل، ويساهم في أعمال الخير وشريك نجاح في كل مناسبات المنطقة ومناشطها الأهلية..
كان يرحمه الله مهتماً ومتحمساً بتطوير المنطقة وبالمطالبة بإقرار وتنفيذ مشاريعها الخدماتية والتنموية، على مر العقود الماضية وقبل مرحلة الطفرة كانت له أياد بيضاء في فعل الخير ومواقف اجتماعية وإنسانية ورياضية معروفة، الأجمل من هذا أنه رسخ هذه المبادئ في شخصية وتعاملات أبنائه وإخوانه، فصرنا نلمح فيهم ذات القيم ونفس الوفاء والطيب والكرم، وهذه لم تأت من فراغ وإنما من سيرته العطرة الحافلة بكل معاني البذل والجود والنبل ..
رحم الله أبا فهد وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ألم فقدانه بمقدار بصمات عطائه وبحجم محبيه الكثر ، والعزاء لحائل المنطقة والناس قبل أبنائه وإخوانه وأُسرته.