لقد فجعنا جميعًا بالحادثة الأليمة التي أقدم فيها أخوان على قتل والدتهم واستهداف والدهم وأخيهم في شهر رمضان، والحقيقة أن مثلها لا يستغرب من أرباب هذا الفكر الضال (خوارج العصر) الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: »يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان».
إن هذه الحادثة لتزيدنا يقينًا بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في بيان صفات هؤلاء الخوارج قاتلهم الله، وتؤكد أنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي. لم يكن أحدنا يصدق أنه سيرى يومًا ما من يقتل أمه وأباه، وخاصة من هو أقرب إلى قلبيهما، فتى ما يزال قريب عهد بعمر الزهور، ولم يفقد براءة الطفولة بعد، ولكن لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، وهو نصيرنا على من أفسد علينا شبابنا. ولي معشر القراء وقفات مع هذه الحادثة الأليمة والفاجعة الكبيرة، أرسلها للناس عامة، وأقصد بها الدعاة خاصة, أولاً: متى نفيق ونعي خطورة هذا الفكر الضال، ونوقن أنه كالسرطان يسري في جسم الإنسان وهو لا يشعر، بل لا يشعر به إلا عندما يصل إلى مرحلة الخطر، ويصبح لزامًا على الطبيب أن يستأصل ذلك المرض الخبيث. ثانيًا: متى نلتفت لشبابنا ونقترب منهم وندخل في أعماق قلوبهم ونغوص في أفكارهم لنعرف ما يدور عندهم، ومن ثم نقترب منهم ونحاورهم، ونصلح من أحوالهم، إنها مسؤولية الجميع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته» لكنها على من يتولى التربية آكد وخاصة العلماء والمعلمين والدعاة والمصلحين. ثالثًا: أين نحن من ميادين الشباب التي يخوضونها ويقضون جل أوقاتهم فيها، وما أعنيه هنا هو بحر الشبكة العالمية (الإنترنت) وما أدراك ما (الإنترنت) ذلكم البحر المتلاطم الأمواج، الذي يسبح فيه الشباب وهم لا يجيدون السباحة، فكان واجبنا الأخذ بحُجَزِهم لإنقاذهم قبل الغرق. رابعًا: من المهم جدًّا أن نتعرف على الشبه التي يمليها أعداء الإسلام على شبابنا، وهي شبه كثيرة حري بالآباء والدعاة والمربين معرفتها؛ ليكون الحوار واضحًا وشفافًا وفي موقعه المناسب، وأرى من الضروري في هذا الجانب قراءة كتاب (النذير) لمؤلفه الدكتور ماجد المرسال، وكتاب (شبهات عصرية) لمؤلفه العمري، وغيرها من الكتب التي تبين منهج هذا الفكر الضال. خامسًا: وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، علينا أن نستغل هذه الحادثة وغيرها مما يشبهها، ونوظف ذلك في بيان خطورة هذا المنهج، وكيف بلغ بأصحابه وأوصلهم إلى هذه المرحلة الخطيرة من مسخ العقول وارتكاب أعظم الجرائم في حق أقرب الناس وفي أفضل الشهور حين خلي بينهم وبين الشيطان والهوى والفكر الخارجي. سادسًا: لنطالب معاشر الدعاة والمختصين والأساتذة والمربين بفتح المجل للقيا هؤلاء الشباب على جميع الأصعدة، والجلوس معهم وفتح أبواب الحوار بكل صراحة. سابعًا: علينا أن نتعرف جميعًا على مقدار الهجوم المركز على شبابنا من خلال الإنترنت وحجم التوجيه المضاد لنا من خلال مواقع التواصل، ومن ثم يكون الاستعداد لمواجهة هذا العدو المتربص بشبابنا عملاً بأمر الله القائل: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}.
أسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يقي شبابنا من كل شر، وأن يقي ولاة أمرنا كل سوء ومكروه ، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، وصلِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.