ما إن يذكر في مجالسنا اسم الحرم المكي «المسجد الحرام»، أو نشاهد أثناء جلوسنا أمام التلفاز مشاهد لأرجاء الحرم المكي، أو نسمع مقطعًا لقراءة أحد أئمة الحرم المكي.. إلا وينتاب أعماقنا ومشاعرنا روحانية ذلك المكان وهيبته، واستشعار عظمته، والاشتياق لزيارته لتصفية القلوب والنفوس.. والعودة بالمثوبة والأجر.
- جعل الله لبيته هيبة المكان، وقداسته، وطهره، وجعل له حرمه يتميز بها عن الأماكن الأخرى.
- تطورنا.. وللأسف اختلفنا واختلفت عباداتنا.. ذهب هذا التطور بعقولنا وقلوبنا عن طاعة الله.. فأبدل البعض منا الإخلاص والنية والأعمال.. بدلاً من أن تكون خالصة لوجه الله.. أصبحت خاصة «لقروب الواتساب».
- للطاعة لذة لا يستطعم نكهتها ولا يشعر بلذتها إلا من عملها خالصة لوجه الله تعالى مؤمنًا ومسلمًا بها، ومتفرغًا لها.. تاركًا ملذات الدنيا وملهياتها، ومقبلاً بها إلى الله بجميع حواسه.. مطمئنًا.. وخاشعًا
ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }.
إلا أنه مع التطور، وبالتحديد في وقتنا هذا، أصبحت الطاعة جسدًا دون «العقل والقلب».
فالعقل مشغول باختيار المكان المناسب لالتقاط الصورة،
والقلب منشغل بآراء مستقبلي الصورة.. كيف ستكون؟
- وتكثر هذه الظاهرة «صورني وأنا أؤدي طاعتي».. عند أداء العمرة؛ فكل بضعة أمتار هناك معتمر آخذ الوضعية المناسبة لالتقاط صورته، التي لن تستمر طويلاً في الاستديو حتى يبعثها لأحد قروباته، أو يضعها في حسابه عبر الأنستقرام.. أو أي وسيلة تواصل اجتماعي أخرى.. ومنهم من أضاف تحت الصورة عبارة:
- سيلفي وأنا «أقبل الحجر الأسود»
- سيلفي وأنا «أطوف الطواف الأول»
- سيلفي وأنا «خلف مقام إبراهيم»
- سيلفي وأنا «في الشوط الأخير من السعي»
- العمرة.. كدنا نشعر بأنها عند البعض جولة ضمن جولاته الفوتوغرافية، فتصبح عمرته إبرازًا لمهاراته في التصوير.. ليس إلا.
ختامًا..
- طاعتك بشكل عام اجعلها خالصة لوجه الله، وليس لقروب واتس أو حساب أنستقرام.. وسخِّر حواسك ومشاعرك، وزد نفسك تعلقًا بها.. ولا تجعلها جسدًا بلا روح.. كصورتك الفوتوغرافية.
- محافظة القريات