سعد بن عبدالقادر القويعي
الدبلوماسي «فرزاد فرهنكيان» عمل مستشارًا في وزارة الخارجية الإيرانية قبل الانتقال إلى سفارات دبي، وبغداد، والمغرب، واليمن. وكان آخر منصب له الرجل الثاني في السفارة الإيرانية لدى بلجيكا، قبل أن ينشق عن النظام في سبتمبر 2010 م، ويعلن استقالته من منصبه، وانضمامه إلى «الحركة الخضراء»، التي كانت - آنذاك - الحركة الرئيسة المعارضة - للرئيس السابق - محمود أحمدي نجاد.
قبل أيام، كشف الدبلوماسي الإيراني المنشق عن النظام معلومات خطيرة؛ استنادًا إلى وثائق سرية اطلع عليها من قيادي كبير في الحرس الثوري الإيراني، مفادها أن تنظيم داعش الإرهابي، يتم تحريكه من خلال غرفة عمليات حربية في مشهد - شمال شرق إيران -، ويديرها كبار قادة المخابرات الروسية، والإيرانية؛ بهدف خلق فوضى كبيرة في العالم العربي عامة، والخليج خاصة، والسعودية تحديدًا؛ مما يدل - في تقديري - على أن أدلة الواقع، والوقائع، والعقل، والمنطق، تثبت تزعم إيران للتنظيمات الإرهابية؛ خدمة لمصالحها؛ ورغبة في تدمير المنطقة العربية رغم التناقض، والعداء المعلن بينها.
نتيجة للفوضى، والتدهور الأمني غير المسبوق في المنطقة، فقد تجلت مصالح الطرفين في إفشال ثورتي - سوريا والعراق - من جهة، والعمل على تفكيك الدولتين، وتقسيمهما، وتدمير كافة مؤسساتهما، ومقدراتهما من جهة أخرى؛ حتى تسهل عملية السيطرة عليهما، وذلك في إطار مشروعاتهما التوسعية. بل إن عديد من الخبراء، والمحللين الاستراتيجيين، ربطوا داعش بالسياسة، وبين المشروع الإيراني، كما ينقل عنهم - الكاتب الأحوازي - حسن راضي؛ نظرًا للمواقع، والأماكن المستهدفة داعشيًا، والمصالح التي تحققها لصالح طهران، ففي سوريا تحارب داعش الجيش الحر، وتستهدف القوى الثورية، وتتجنب - منذ أكثر من عامين - الاصطدام مع النظام السوري، والميليشيات الشيعية، مثل: حزب الله اللبناني، وعصائب أهل الحق، وقوات الحرس الثوري الإيراني، وغيرها، التي توجد بكثافة على الأراضي السورية، مما يثبت بأن هناك علاقة وثيقة بين داعش من جهة، والنظامين - السوري والإيراني - من جهة أخرى.
في المقابل، فإن محاولة تدمير المجتمعات الخليجية، - وخصوصًا - السعودية، وتمزيقها على أساس طائفي، ومناطقي، وعدم استهداف تنظيم داعش للجمهورية الإيرانية - حتى الآن -، أو توجيه تهديدات قوية لها رغم أولوية العداء العقدي بين الطرفين، يثير الشكوك حول وجود تحالف، أو على الأقل التقاء مصالح بينهم؛ ما يعطي دليلاً قويًا على أن إيران هي التي تدير تنظيم داعش الإرهابي؛ ليكون أداة في يد نظام ولاية الفقيه؛ لضرب الدول العربية، وتحقيق مصالح طهران في المنطقة، وهو مصداق - أيضًا - لما جاء في رسالة أبي محمد العدناني - المتحدث الرسمي باسم داعش -، التي وجهها لأيمن الظواهري - زعيم تنظيم القاعدة الأم -، في غمار المواجهات الإعلامية بينهما، حيث كشفت عن أبعاد العلاقات التاريخية بين القاعدة، والنظام الإيراني، وكيف أن داعش ظلت ملتزمة بنصائح، وتوجيهات شيوخ الجهاد؟، ولم تضرب إيران الملالي - منذ نشأتها -، بل وتركتهم آمنين في إيران، امتثالاً لأمر القاعدة؛ للحفاظ على مصالحها، وخطوط إمدادها في إيران.
رغم اختلاط الأوراق، وتوقدها، ورسم صورة شمولية عن الإرهاب، وداعميه، فإن قراءات متابعة تضع هذه المعطيات في قالب صناعة الإرهاب، وخطره على دول المنطقة - عمومًا -، ودول الخليج العربي - خصوصًا -؛ نظرًا لحجم العلاقات التي تجمع تنظيم الدولة الإسلامية داعش في بلاد الشام، والعراق، وبين المخابرات الإيرانية، والحرس الثوري الإيراني.