لبنى الخميس
حسب ويكيبيديا، لعبة البوكيمون هي إحدى ألعاب «الواقع المعزز» تم تطويرها من شركة ناينتيندو اليابانية وتم إطلاقها مطلع الشهر الجاري، لتحصد على إثره انتشاراً لم تشهده أي لعبة إلكترونية من قبل، ما در على الشركة في أيام معدودات أكثر من 7 مليارات دولار. اللعبة تعتمد على نظام «الجي بي اس» لملاحقة كائنات افتراضية تدعى البوكيمون والتي تظهر على شاشة هاتفك وكأنها موجودة في العالم الحقيقي. لن أتحدث عن النجاح التقني للعبة بل سأسلط الضوء على 3 ملامح نفسية واجتماعية أسهمت في جعلها ظاهرة عالمية استثنائية.
1- الإنسان ذو عهد قديم بالمطاردة
منذ الإنسان الأول.. البحث عن شيء ما والعكف على مطاردته هو طبع أصيل في الإنسان، فهو مغرم بركوب المجهول ومفطور على شغف اكتشافه، لذلك صعد إلى القمر، وغاص في أعماق البحار، وتسلق الجبال، وركب الأمواج في محاولة منه لفهم العالم من حوله وكشف ما يخبئه من أسرار في قمم الجبال وبطون المحيطات. لعبة البويكمون - التي تتقاطع بشدة مع حالة السعي الذهنية لاصطياد شيء ما ولو كان مخلوقات افتراضية غريبة في ألوانها وأشكالها - هي من أكثر الظواهر التكنولوجية الملهمة التي مرت عليَّ منذ سنوات، إذ أظهرت مدى تشابهنا كبشر في الغرائز والدوافع. نعم نختلف في أسمائنا وعناويننا وخلفياتنا الثقافية، لكن نجتمع بالفطرة، في شغف الترحال والبحث عن شيء ما.. لذلك لا تستغرب حينما تجد تجمعاً لمجموعة من الباحثين عن مخلوقات البوكيمون في السنترال بارك في نيويورك، أو ساحل سانتا مونيكا في لوس أنجلوس، أو حتى أمام مستودع قديم في الرياض. إنها الفطرة يا سادة.
2- صرخة النوستالجيا
من أبرز عوامل نجاح لعبة البوكيمون هو إحياؤها لذكريات جميلة لجيل الثمانينات والتسعينات الميلادية مع شخصيات البوكيمون الكرتونية التي غزت العالم وأصابت الأطفال بالهوس حينها. النوستالجيا هو شعور غامر بالحنين إلى الماضي، تداخل بشكل كبير مع انتشار لعبة البوكيمون غو، وإنعاش ذكريات طفولية لدى أجيال سابقة.
3- عامل التوقيت
يقال إن أحد أسباب نجاح لعبة بوكيمون هو توقيت إطلاقها، حيث تزامن مع حمى الانتخابات الأمريكية التي حملت هذه المرة مهاترات سياسية مثيرة للجدل، وأخبار تفجيرات إرهابية أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وزادت من حدة سخونة فصل الصيف، ما جعلها استراحة ذهنية مستحقة وإجازة فكرية مطلوبة من كافة هموم الواقع. إضافة إلى تزامن إصدراها مع الإجازة الصيفية لطلبة المدارس والجامعات، ما جعلها تسافر مع مستخدميها إلى جبال الألب وشواطئ الكاريبي!
أخيراً.. من المحبط أن يحارب البعض كل جديد، ويركب موجة التحذيرات المبالغ فيها، ويصدق إشاعات نظرية المؤامرة. فلنبحث عن الإيجابيات ونحتفي بها، فجنون البوكيمون هو قصة مذهلة لشغف البشر في البحث، ونقطة التقاء مميزة ألغت الهويات الثقافية وقفزت فوق الحواجز العرقية. إضافة إلى كونها تقدماً ملموساً يحترم عقل البشر المتخم بألعاب كسولة وتقليدية عفى عليها الزمن. لنبحث عما يجمعنا لا ما يفرقنا ولو كان مخلوقاً ياباني المولد عالمي الانتشار يدعى «بيكاتشو».