«الجزيرة» - حسين أبو السباع:
من قبضة اليد، عبر الهاتف الجوال، تتسلل أفاعي مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا «تويتر»، و«سناب شات»، إلى الأطفال والمراهقين، وربَّما أبعد من ذلك؛ إذ بعد اكتشاف تجنيد مراهقين في صفوف الإرهابيين، قوَّت مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا العلاقات بين مروجي المخدرات، وحبوب الإجهاض وزبائنهم، في الوقت الذي تكثِّف فيه الجهات الأمنية حملاتها ومتابعتها لكشف حيل المروجين، والإيقاع بهم، حيث لا يكاد يمر يوم، إلا وتسقط إحدى العصابات الإجرامية التي تخصصت في الولوج إلى تدمير المراهقين من قبضة أيديهم عبر التطبيقات الذكية، مما حدا بالبعض إلى تمني البقاء مع الأجهزة «الغبية»، إن جازت التسمية، قبل هذا الهدير المسمم.
ما بين مخاطر المخدرات ومخاطر حبوب الإجهاض التي قد تؤدي إلى انفجار رحم المرأة، وربَّما موتها، تتأرجح المعلومات حول حبوب الـCytotec المحظورة في السعودية، ودول الخليج، أصبح كثير من النساء حائرات حول استعمال هذا العقار الممنوع، الذي أكَّد الأطباء أنَّه في الأصل كان يستعمل لحماية وتغليف جدار المعدة، لذا كان يستخدم لعلاج قرحة المعدة، لكن وجد له تأثير على المرأة الحامل، لأنه يسبب انقباضات في جدار الرحم، ويسبب الإجهاض، واستغل ذلك كثيرون للترويج له في المملكة العربية السعودية، بأسعار باهظة، وصلت إلى 3 آلاف ريال سعودي، وأكثر.
ورغم التحذيرات الموجودة في الوصفة الطبية لهذه الحبوب، إلا أنَّ الاستعمال الخطر لا يزال يلقى رواجًا كبيرًا.
تحذيرات في وصفة Cytotec
هذا الدواء يمكن أن يسبب تقلصات في الرحم، لا ينبغي أن تستخدم من قبل النساء الحوامل «باستثناء استخدام متخصص في إنهاء الحمل»، يجب أن النساء اللواتي يمكن أن تكون حاملاً، وتحتاج إلى اتخاذ هذا الدواء استخدام أسلوب موثوق به من وسائل منع الحمل لمنع الحمل أثناء استخدام هذا الدواء، اسأل طبيبك لمزيد من المشورة.
ليست حبوب الإجهاض وحدها التي يتم الترويج لها عبر تويتر أو سناب شات، بل هناك أيضًا حبوب الترامادول المصنفة «مخدرات»، فقد ألقت الشرطة على كثير من مروجي هذه الحبوب، إلى أن أطلق عليها البعض «المخدرات الإلكترونية»، بسبب الطريقة التي يتم بها الترويج.
يقول أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور حزاب بن ثاني الريس «حبوب الإجهاض محرمة قانونيًا، ويجب ملاحقة من يبيعها عبر «تويتر»، لأنَّ فيها مخالفات شرعية قانونية، والملاحقة القانونية ستلغي تداولها عبر «تويتر»، فوسائل التواصل الاجتماعي تعد وسائل تحمل الجوانب السلبية والإيجابية في الحياة، وفي تعاملنا معها، نحن من نختار الجانب الذي نرغبه، في كل المجتمعات الإنسانية تجد قلة من المجتمع لا يحسنون اختيار الجانب الإيجابي من الوسيلة، والأمثلة على ذلك كثيرة - فالسكين وسيلة للتقطيع، وتجد من يستخدمها للقتل، والمجتمع السعودي مغلق اجتماعيًا، وليس محافظًا، فهناك فرق بين الانغلاق والمحافظة، فهو يتقبل السلع الاستهلاكية بسهولة مفرطة، وإلا لماذا يستقي معلوماته من «تويتر»، فهذا يدل على سذاجة امرأة تجهل أصول التعامل مع صحتها، والسذج يدفعون ثمن سذاجتهم، فـ»تويتر» فتح المجال لتبادل الأفكار والمقولات والرأي والرأي الآخر، واستخدم بشكل سلبي في المملكة العربية السعودية، لما نشهده من مهاترات لا تمت لاختلاف الرأي الحقيقي بصلة، وليس مصدرًا موثوقًا للوصفات الطبية، ويجب نشر الوعي حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامه استخدامًا إيجابيًا يخدم المواطن ويطور من أساليب طرحه لأفكاره».
ويقول عضو مجمع الفقه الإسلامي العالمي، أستاذ الدراسات الشرعية في كلية الملك فهد للعلوم الأمنية الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي «الإجهاض في الأساس غير مسموح به شرعًا وقانونًا، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}، وقال أيضًا {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}، ومن يبع هذه الحبوب من أجل الإجهاض، أو حبوب المخدرات يبع الشر، ويريد الفساد في الأرض، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حرَّم بيع الخمر وحلوان الكاهن، وكل ما فيه بيع محرَّم، ونهى عن كل ما يؤدي إلى قتل النفس».
ويضيف النجيمي: «وإذا انتشر مثل هذا الأمر فللحاكم أن يطبق عليهم حدَّ الحرابة، مصداقًا لقول الله تعالى {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ}، فمثل هؤلاء ينطبق عليهم حد الحرابة؛ لأنهم يفسدون في الأرض، يبيعون حبوبًا بطريقة غير شرعية، ويعرضون أرواح الناس إلى الخطر، لذا ينطبق عليهم هذا الحكم تمامًا».