د.ثريا العريض
ما يدفعني إلى الكتابة اليوم حول الثقافة وبرنامج التحول هو ما جرى مساء الخميس من تفاصيل وصلتنا عبر هاشتاق في تويتر جمع قرابة 1000 تغريدة، حول ما ذكر أنه حدث في عسير من محاصرة من سموهم «غلاة» منكرين مهرجان الكوميديا في مسرح المفتاحة، ونقل تفاصيله هاشتاق #الغلاة_يحاصرون_ المفتاحة عبر تويتر إلى المغردين ليتناقلوه معلقين من مواقف متناقضة.
لاحقًا في تعليقات الواتسآب أكَّد أصدقاء أنهم اتصلوا بمن يعرفون في أبها فأكَّدوا لهم ألا شيء من هذا القبيل حدث!!
الحقيقة أنه سواء حدث أم لم يحدث فالأمر يحمل معاني سلبية يجب أن تؤخذ بجدية من قبل المسؤولين.
إن حدث فعلاً فهو أمر سيء بصورة مباشرة، حيث لا نستطيع أن نغض النظر عن البديهيات؛ كون المهرجان تحت رعاية رسمية من الإمارة والدولة، وأنه لم يحدث ما يعتبر جرمًا يجب أن تمنعه أي جهة رسمية أو غير رسمية، وأن تشجيع السياحة والانفتاح يأتيان رسميًا ضمن المبادرات الرسمية المعلنة في برنامج التحول، وأن صلاحيات الحسبة تحددت رسميًا بصورة واضحة مفصلة، فليس لمنسوبيها استقلالية اتخاذ قرار أو تنفيذه، ولم يعد لها أن تمنع حدثًا تجرمه رؤيتها الخاصة من الحدوث. دورها فقط أن تبلغ عنه الجهاز الأمني التابع لوزارة الداخلية وهو من يتصرف حسب الصلاحية والإجراءات. فهل هو إعلان رفض من المحتسبين قرارات رسمية؟ هل هو تحد لجهاز الأمن ووزارة الداخلية والمجلس الأعلى للتنمية والاقتصاد ووزارة الثقافة، وهيئة السياحة؟ هل من الممكن أن نراهم مرة أخرى يعترضون فعاليات ثقافية مجازة رسميًا كمهرجان عكاظ القادم في الطائف؟ أو احتفالات العيد أو معارض الكتاب في الرياض أو جدة؟ أو رحلات مرتبة لزائري وزائرات مواقع الآثار بأي مدينة؟ احتفالات مهرجان «الدوخلة» في تاروت أو «حسانا فلة» في الأحساء؟ أو جدة القديمة في جدة؟ أو مهرجان السينما في الدمام؟ إنه فعل يتوخى قتل ثقافة السعادة.
وإن لم تحدث محاصرة حقًا؛ فمن الضروري أن يمنع مثل هذا العبث التويتري الذي يطير بإشاعة كاذبة إلى أفق التداول الإعلامي مسببًا جدلاً وقلقًا مجتمعيًا.. ثم إن لم يحدث شيء في أبها، ما القصد من اختلاق خبر سلبي يوحي بأن هناك من يتحدى سلطة الدولة وتعليماتها؟ خبر يحمل تشجيعًا مقصودًا أو غير مقصود للقيام بمثل هذا الإزعاج.
في الحالتين هو فعل لا حضاري. ويجب أن يجرم رسميًا أن يرى أحد نفسه فوق القانون وله حرية التصرف المنفلت خارج النظام. سواء باسم الحفاظ على الفضيلة كما يعرفونها فيحاول بعضهم أن يفرض التحجر على المجتمع! ويقف مترصدًا لمساعي إنقاذ الوطن من تسرب المال وهروب المواطنين في الإجازات للتنفس الثقافي في الخارج. أو باسم حرية التعبير ينشر خبرًا سيئًا بقصد أو بغير قصد ليطير به الجمع في أجواء وسائل التواصل قبل التأكَّد من صحته.
كلهم ببساطة خارجون عن القانون لا يحترمون حق أبناء هذا المجتمع الطيب في الحياة دون قلاقل.. ويجب أن يكونوا تحت المساءلة والمحاسبة على العبث.
المجتمع لا يرغب في انفلات أي فئة؛ يرغب فقط في ثقافة حياة طبيعية تسمح له بمجالات ترفيه وبالابتسام وبحب الوطن والحياة، وله قيادة رسمية أعلنت بوضوح أنها تود أن تراه سعيدًا.. ويود أن يراها تعاقب من يسبب له الإزعاج والقلق.