«الجزيرة» - عبده الأسمري:
كشف القنصل العام التركي لدى السعودية «فكرت اوزار» في حوار خاص مع الجزيرة أن أمن السعودية يمثل أمن تركيا وأن التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب يشهد اتفاقيات متطورة ومتعددة ومستقبل باهر وأشار إلى أن مصير البلدين مشترك, وقال إن بلاده تقف أمام عصابات لتهريب المخدرات إلى السعودية وستظل تلاحق حيلهم واصفاً الأمن السعودي بالمميز جدا في كفاءته, وأضاف أن هنالك ستين ألفاً من الأتراك المقيمين في السعودية يتركزون بشكل أكبر في الساحل الغربي للمملكة, ويلاقون أفضل معاملة موضحاً أنه لا يوجد من رعاياه سوى (30) سجيناً في قضايا مختلفة تتعلق بتهريب المخدرات وتبييض الأموال وقضايا عمالية مشيراً إلى أن هنالك مشاورات بين البلدين تخص الجانب الصحي مضيفاً أن جامعات بلاده تفتح أبوابها أمام الطلاب والطالبات السعوديين مؤكدا أن هنالك توجه لتعاون مستقبلي في مجال التعليم الجامعي, وأضاف أن هنالك 60 ألف معتمر ومعتمرة من تركيا يزرون الأماكن المقدسة شهرياً مؤكداً أن حجم الاستثمارات السعودية في العقارات بتركيا وصلت إلى 20 مليار ريال سعودي واستثمارات في قطاع الصناعة والتجارة وصلت إلى 48 مليار ريال وأن هنالك استثمارات تركية في السعودية تصل إلى 12مليار ريال, مؤكداً أن حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين يبلغ 22 مليار ريال وأوضح العديد من الأمور في سياق الحوار التالي:
* بداية حدثنا عن خطر داعش في تركيا وما جهودكم في ذلك كونكم دولة حدودية مترامية الأطراف مع مناطق الصراع؟
-جهودنا في هذا المجال كثيرة لدينا قوات ترابط على الحدود تسلمنا منذ فترة قوائم سوداء لعدد من المطلوبين أمنيا من عدة دول إضافة إلى أن الرئيس التركي وجه برفع أعلى درجات الاستعداد منذ أعوام لمواجهة خطر الإرهاب سواء من القاعدة أو من داعش والجبهات المقاتلة التي وجدت في سوريا مكاناً ومرتعاً للحروب وتنفيذ الأجندات الخاصة بها, وقد ضبطنا الفترة الماضية خلال العامين الأخيرين حوالي 1700 ممن ينتمون إلى تنظيم داعش المحظور دوليا, وجميعهم تم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم موضحاً أنه تم ضبط حوالي 500 داعشي في الأراضي التركية خلال 2016 متجهين إلى سوريا للقتال من جنسيات مختلفة, وكان أكثر المضبوطين من تونس, والجنسية الأكثر من الدول الغربية, كانوا من الإنجليز وجنسيات آسيوية, وعربية أخرى, وقامت تركيا بحجز واعتقال بعضهم وآخرون تم إعادتهم لبلدانهم وفق الاتفاقيات الثنائية بين تركيا والدول التي تم ضبط رعايا منها وكان بعض العناصر المضبوطة يأتي لتركيا بعائلته لتضليل السلطات مشيراً أن هنالك قوائم سوداء بعدد من المنتمين لتنظيم داعش أو المطلوبين دوليا. ولتركيا جهود في ضبط الإرهاب ومكافحة المخدرات خصوصاً في ظل ضبط كميات من المخدرات متجهة إلى السعودية, قال إن تركيا تقوم بدورها وهي تتواصل دوماً مع الجانب السعودي, وهنالك اتفاقيات في المجال الأمني فيما يخص مكافحة الإرهاب, ومكافحة المخدرات, وستكون تركيا بالمرصاد لأي عصابات أو أفراد يخططون لتهريب المخدرات إلى السعودية وأن الاتفاقيات والتعاون متواصل موضحاً أن تركيا كشفت عن حيل احترافية يقوم بها مهربو المخدرات من أجل تضليل السلطات وهم عادة ما يجددون حيلهم ويخفونها في سبيل تهريب المخدرات.
* ما هي أبرز الاتفاقيات بينكم وبين السعودية فيما يخص جانب القوات المسلحة والتسليح العسكري؟
-هنالك العديد من المباحثات والمشاورات والتعاون فيما يخص التعاون العسكري بين السعودية وتركيا وهنالك تباشير مستقبلية بإيجابيات متعددة تتعلق بتعاون متطور ومتزايد في مجال الصناعات العسكرية وأيضاً تأهيل وتدريب القطاعات العسكرية بين البلدين وهنا أؤكد أن السعودية وتركيا تقفان في نفس المسافة من العديد من القضايا المشتركة ولازلت أؤكد أن أمن البلدين عامل مشترك وهو ما تعلمه وتؤكد إليه حكومة البلدين.
* كم عدد الجاليات التركية المقيمة في السعودية وكيف تصف من خلال مسؤوليتك وضعهم المعيشي والعملي؟
-هنالك حوالي 60 ألف مقيم تركي يعيشون في السعودية وأيضا هنالك 60 ألف معتمر ومعتمرة يؤدون مناسك العمرة وزيارة الأماكن المقدسة بشكل شهري ويمكث ويعمل حوالي 40 ألف من التعداد الكلي للمقيمين الأتراك في السعودية في الساحل الغربي من حدود تبوك على الجزء الشمالي الغربي وحتى حدود اليمن على الأجزاء الجنوبية الغربية للسعودية, وينعمون بتعامل جيد من الشعب السعودي وهم يؤدون العديد من المهام العملية في مختلف المهن والتخصصات.
* كم عدد السجناء الأتراك في السعودية؟ وما قضاياهم؟
-يوجد فقط 30 سجيناً تركياً في السعودية وقضاياهم تتراوح ما بين المخدرات وتبييض الأموال وقضايا عمالية ويلاقون معاملة جيدة في السجون السعودية, وللعلم بعضهم موقوفون على ذمة قضايا وآخرون تمت محاكمتهم وأود أن أؤكد أن هنالك تعاوناً سعودياً تركياً يتعلق بالنواحي الأمنية جميعاً, والحمد لله نحن دائما ما نوجه الرعايا المقيمين في السعودية باحترام أنظمة وقوانين البلاد سواء قبل المجيء إلى هنا من خلال التوعية من قِبل الجهات التركية المختصة أو من خلال لقاءاتنا مع الجاليات, ولذلك سجناؤنا قلة مقارنة بجنسيات أخرى.
* كم حجم الاستثمارات التركية بالسعودية وأيضا السعودية في تركيا والتبادل التجاري بين البلدين وما الجديد مستقبلا في هذا الملف؟
-بلغت وفق آخر الإحصائيات حجم الاستثمارات التركية في السعودية حوالي 12 مليار ريال سعودي ومعظم هذه الاستثمارات تتعلق بالمقاولات وبعض أنواع التجارة في حين أن حجم الاستثمارات السعودية التركية انتعش كثيراً في الآونة الأخيرة, حيث يبلغ في قطاع العقارات حوالي 20 مليار ريال سعودي وأيضاً هنالك استثمار سعودي في تركيا في مجال الطاقة والصناعة والتجارة وصل إلى 48 مليار ريال سعودي, ووصل معدل التبادل التجاري بين السعودية وتركيا من خلال الصادرات والواردات إلى 22 مليار ريال سنوياً وأود التوضيح أن من أبرز مجالات الاستثمار الحديثة والمستقبلية والتي بدأت تركيا تضعها أمام رجال الأعمال السعوديين هو الاستثمار في مجال تسويق الفواكه والخضروات ولدينا النية لعقد مشاورات مستقبلية حول توفير استثمارات في مجالات تجارية متنوعة ومنها الملابس.
* هل ترون أن السياحة بتركيا ستتأثر بأحداث الانقلاب الأخيرة؟
-الأمور الآن بدأت أفضل وتسير بشكل طبيعي, حيث تم احتواء الوضع علماً بأن هنالك إدارة طارئة تم تشكيلها من عدة جهات في الدولة لمتابعة الأمور وضمان الأمن والاستقرار ومنع أي فوضى محتملة خلال الثلاثة أشهر القادمة, ومن أهم الملفات التي تتابعها الإدارة ويتابعها الرئيس التركي هو قطاع السياحة الذي يجذب الملايين سنويا من كل بلدان العالم لما تتمتع به تركيا من طبيعة ومقومات طبيعية وسياحية وأتوقع أن لا يتأثر القطاع السياحي خلال الأشهر المقبلة ولكن التأثير محدود جدا ومؤقت وتم احتواء كل ذلك.
* ماذا كشفت عنه التحقيقات حول ارتباط فتح الله غولن بأحداث الانقلاب؟ وماذا عن عمليات تطهير الجيش والأمن والقضاء إلى أي مرحلة وصلت؟
-فتح الله غولن كان إمام مسجد في تركيا قبل ردح من الزمان وقد عُرف عنه أفكار غربية وعندما همت السلطات التركية بالقبض عليه هرب إلى أمريكا والآن حكومتنا تطالب بتسليمه إليها لأنه تم التأكد من علاقته بأحداث الانقلاب الأخير, وأنه كان وراء تأليب بعض العناصر للخروج على الحكومة ومحاولة الانقلاب التي فشلت, علماًً بأن تركيا صنفت المدعو فتح الله من الإرهابيين وستواصل تركيا مساعيها لاستلامه ومحاكمته, وفق القضاء العادل, وللعلم فإن لهذا الرجل أفكاراً مضللة وغريبة وغلو كبير في التدين. أما على مستوى الاعتقالات والتطهير فإنه, وحتى الآن فقد تم اعتقال حوالي 1700 من الجيش ممن كان لهم علاقة بالأحداث الأخيرة وأيضاً تم تسريح حوالي 800 عنصر من عناصر الأمن الذين كانوا متواطئين في العمليات وأيضا تم تسريح حوالي 3000 قاضي من سلك القضاء لعلاقتهم بعد أن تم الكشف عن ذلك من خلال أجهزة الاستخبارات والأمن التركية والدولة ساعية إلى تطهير البلاد من الفوضى والمحاكمة لكل من تورط في ذلك.
* على الجانب الصحي والتعليمي ما تباشير مستقبل التعاون بين البلدين في هذين الجانبين؟
-على المستوى التعليمي هنالك العديد من الطلاب السعوديين يدرسون في تركيا في اللغات وهنالك لدينا حوالي 8 مدارس تركية في السعودية, ونسعى إلى زيادتها, وقد قامت الحكومة التركية ممثلة في الجهات المعنية بتطوير الجامعات لاستقبال المبتعثين أو الراغبين في الدراسات والدورات ومن ضمن الدول التي تسعى تركيا إلى تطوير علاقات تعليمية معها السعودية, لما لها من تميز في القطاع التعليمي أما فيما يخص القطاع الصحي فقد علمت أن هنالك مشاورات بين الجانبين السعودي والتركي, فيما يخص تطوير أداء العمل الصحي وتحسين الخدمات الصحية ونتطلع مستقبلاً إلى الاستفادة من الكوادر وتبادل الخبرات الصحية بين البلدين.
* بعد أعوام من العمل في السعودية بين الرياض وجدة بماذا تصف تجربتك وكيف تقضي وقتك وماذا شد انتباهك؟
-عيش مع أسرتي في السعودية أم أبنائي سافروا إلى تركيا لإكمال الدراسة, وأنا هنا في جدة أشعر أنا وزوجتي بارتياح كبير جدا, فنحن نعيش في مدينة تعد بوابة الحرمين الشريفين, فساعة أصل إلى مكة المكرمة, وأزور الحرم المكي الشريف وأؤدي العمرة, وحوالي ثلاث ساعات ونصف أزور المدينة والحرم النبوي الشريف, وهذه نعمة كبيرة أن نعيش ونعمل في منطقة قريبة من الحرمين الشريفين, والآن لي 5 سنوات من العمل بجدة, وكنت قبلها ما بين عامي 88 و90 في السفارة بالرياض, وهي تجربة مميزة لي, رأيت فيها التعامل الجميل من القيادات السعودية والشعب السعودي الكريم والسعودية هي بلدي الثاني, ولا أشعر فيها بالغربة فإني أرى السعوديين أهلي وأعيش بينهم وشد انتباهي التطور الكبير الذي تشهده المملكة, وأيضا القفزات التعليمية والتجارية. أعمل وأتجول في جدة وأتناول الطعام السعودي وهنا تشابه كبير في العديد من الوجبات معجب جداً بالآثار في السعودية وبالعادات والتقاليد الأصلية لكل فئات المجتمع وعلاقة السعودية وتركيا التاريخية منذ الأزل ستظل مميزة ومتطورة دوما
* ماذا تود إضافته في هذا الحوار؟
-أشكر صحيفة الجزيرة وهي من الصحف الرائدة بإنتاجها المتنوع, وفي تعاطيها مع الأحداث حتى من كل أصقاع العالم, ونشكر الإعلام السعودي المهني الذي تعامل بتميز مع الأحداث الأخيرة في تركيا ونقل الصورة الصادقة بشكل شفاف وموضوعي ومهني.