فهد بن جليد
هذه الديوانية برأيي أنها (تجربة رائعة) تستحق أن تتوسع فيها أمانة مدينة الرياض، لتُعمّم على باقي الأحياء، وتستفيد منها باقي مناطق المملكة، لإيجاد مكان ومُتنفس خاص (لكبار السن) الذين -سقطوا سهواً- من مُعادلة الترفيه في مُدننا العصرية، فما أحوجنا فعلاً لتعزيز (البعد الإنساني) في أحيائنا وحوارينا، فأجواء الحدائق والمُتنزهات والملاعب لا تتناسب مع ظروف ونفسية (كبار السن) الذين يفضلون -بسبب ذلك- الجلوس في المنازل، وعدم الخروج، مما خلق نوعاً من (العزلة) لهم!
هذه العزلة أصابت حوارينا بالصمم، وجعلتنا نعيش مثلهم لكن في عزلة أكبر، عندما لا يعرف الجار من هو جاره، ولا يجلسان مع بعضهما أو يتحدثان مع بعضهما، هذه التجربة الأولى أعادت الحياة إلى حي عليشة الذي أقيمت فيه، عندما بدأ كبار السن بالتجمع فيها من الصباح وحتى الظهيرة، لأنها تقع داخل مركز ترفيهي خاص بكبار السن، يحوي مبنًى طينياً يُحاكي الزمن الجميل (للبناء النجدي)، جلسات شعبية تقدم فيها المشروبات التقليدية مجاناً (القهوة، الشاي، الزنجبيل، الحليب) وغيرها، بالإضافة إلى ممرات مشي خاصة بهم، ومسطحات خضراء ونخيل، وتطرح فيها العديد من الموضوعات ليتم مناقشتها، وتبادل الذكريات والقصص والتجارب مع بعض الشباب ممن يحضرون هذه المجالس ذات القيمة والبعد الإنساني الكبير!
الجميل أن بعض كبار السن أنفسهم، يقومون بإعداد القهوة أو الشاي بطريقتهم الخاصة، مع مشاهدة التلفاز، وتبادل الأخبار، وتصفح الجرائد، والإنترنت، وممارسة بعض الألعاب الرياضية التي تُنشط حياتهم من جديد..!
ثقافة الديوانيات التي تنتشر في بعض (دول الخليج) يمكننا جلبها إلى حوارينا (بإشراف الأمانات)، وبطريقة تختلف عن (فكرة الاستراحات) لتتناسب مع خصائص المجتمع السعودي، ويُمكن تطوير الفكرة لاحقاً لتصبح أشمل!
وجود منصة أو ديوانية يجتمع فيها أهل (الحي الواحد)، له فوائد اجتماعية وأمنية ونفسية كبيرة.. عجزنا عن استعادتها مع تطور الحياة!
وعلى دروب الخير نلتقي.