د. أحمد الفراج
نواصل في هذا المقال استعراض ردة فعل الحركيين السعوديين، على حادثة انقلاب تركيا، نظرًا لخطورتها على استقرارنا وأمننا، وتداعياتها الخطيرة المتوقعة مستقبلاً، والانقلاب حدث خارجي لا علاقة لهم به. هذا، ولكن ردة فعلهم المتعاطفة مع رئيس دولة أجنبية، أثبت - بلا جدل- أين يكمن ولاؤهم، أي التنظيم الحزبي الذي يمثله ذلك الرئيس (التنظيم الدولي للإخوان المسلمين)، وهو التنظيم الذي عقد صفقاته مع إدارة أوباما ودول إقليمية لحكم عالمنا العربي، وهذا ليس ادعاء من عندي، بل نشر بوثائق وعبر تسريبات، خلال السنوات الخمس الماضية، التي أعقبت تنفيذ الربيع الاوبا-اخواني، والحركيون هم أعضاء تنظيم الإخوان، والتنظيم السروري المتفرع عنه، والسروريون هم سلفييون بمكائن اخوانية، ولذا فهم أخطر التنظيمات الحركية، ومنهم تفرعت تنظيمات الإرهاب كالقاعدة وداعش.
كان اللافت، وسط الضجيج الذي لم يهدأ حتى الآن، أن شاعرًا سروريًا اشتهر بالتشدد الديني، كتب قصيدة عصماء، يمدح فيها الزعيم الأجنبي الذي انتصر على الانقلاب، مع أن الزعيم الممدوح يعتز دومًا بعلمانيته وعلمانية دولته، ويرتبط بعلاقات وثيقة مع دول يعتبرها الشاعر المداح من ألد أعداء الإسلام!!، وعندما اطلعت على القصيدة، خيل لي أن الفاروق أو عمر بن عبدالعزيز عاد من جديد، ثم سألت زميلاً، مستوضحًا عمّا إن كانت القصيدة منتحلة، فنفى ذلك، وقد راعني أن الشاعر المداح مدح، في ذات القصيدة، سيدة عربية ثورية، يستأجرها تنظيم الإخوان للدعاية له، وشبهها بالصحابيات، حاشاهن عنها، والغريب أن هذه السيدة الممدوحة لا تتحجب، والأغرب أن ذات الشاعر، الذي مدح هذه المرتزقة، التي لا تتحجب، ما زال، حتى يومنا هذا، يتهم بنات وطنه غير المحجبات بأنهن فاجرات!، فهل هو يتبع تعليمات الدين الحنيف، أم تعليمات تنظيمات الإسلام السياسي أيها الموهومون بهؤلاء المتلبسين بديننا العظيم زورًا؟!.
الأطرف من هذا الشاعر، هو أحد زعامات السرورية السعوديين، الذي ساقه الحماس لتقديم مقترح للزعيم التركي، بخصوص أسلمة تركيا!!، فما كان من ناشط تركي في عمر أبنائه، إلا أن هجم عليه، وقرعه، بل شتمه، وكان رد الناشط التركي على الشيخ السعودي واضحًا: «أنت فقط تمدح رئيس دولتنا، فأنت أقل شأنًا من أن تقترح عليه، ناهيك عن أن تنتقده»، ومع ذلك فقد بلعها الشيخ السروري، بل إن رفقاءه بالتنظيم وتلاميذه لطفوا الموضوع، ودافعوا عن الشاتم التركي الوقح!، وهنا ندرك كمية الخنوع والقابلية للاستعباد عند هؤلاء الحزبيين لزعيم دولة أجنبية، مع أنهم هم ذاتهم من يفجر بالخصومة مع حكومتهم، ومع مثقفي بلدهم، ممن يختلفون معهم، فأي ذل وعبودية وصل لها هؤلاء عياذًا بالله؟!.
ما يهمنا هو تداعيات هذه «النصرة» من الحزبيين السعوديين لزعيم دولة أجنبية، فهذا أمر رأيناه وتابعناه، ولا أظنه أمرًا سهلاً، كما لا أظن، أنه سيمر دون دراسة وفحص ممن يهمُّهم أمن البلاد والعباد.