سعيد الدحية الزهراني
أزمة الفعل الثقافي إدارياً لدينا هي أزمة إرادة.. صادفت هذه الأزمة المزمنة توفر «شماعة تبرير» جاهزة.. الأتعس في هذه الحال خضوع الطيف الثقافي العام لبرمجة تم بموجبها قبول تلك الشماعة.. واعتبارها مسلمة حين يرفعها الإداري الثقافي الخامل يسكت الجميع.. بل ربما زاد بعضهم على السكوت أن أطلق الدعوات والابتهالات بأن يكون الله في عون إداري الشماعة!!
شماعة الإداري المثقف الخامل تتمثل في «شح مصادر تمويل العمل الثقافي» في ظل محدودية الدعم الرسمي.. وبهذا تشكلت واحدة من أهم مآزق العمل الثقافي التي أعاقت وجود بيئة ثقافية بناءة وخلاّقة.. إلى جانب عوائق ومآزق أخرى لكن تبقى هذه إحدى أهمها..
بعض من تولوا إدارة مؤسسات الثقافة لدينا ينطبق عليهم نموذج «الإداري الثقافي الخامل» المشار إليه بعاليه.. في الجانب المقابل تبرز نخبة من مسؤولي المؤسسات الثقافية التي استطاعت أن تصنع الفرق بالفعل وتكسر طوق البرمجة الخاملة.. محققة أثرا حيا وملموسا بات دليلاً شاقهاً لمن امتلك الإرادة فأجاد الإدارة..
خذ الأمثلة عبر عدد من الأندية الأدبية التي استجلبت المال الثقافي لدعم مناشطها وبناء مقراتها.. حين جمعت مبالغ مالية تجاوزت حاجز العشرين مليوناً بل قارب بعضها الثلاثين مليوناً عبر تبرعات رجال الأعمال والقطاع الخاص.. مثل أندية؛ الأحساء والباحة وجدة وجازان والرياض وحائل وغيرها.. كذلك فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام.. وألتمس العذر من الأسماء الثقافية الكريمة والجهات الموقرة التي حققت هذه الرؤية الوطنية المخلصة دون أن أشير إليها..
أدعو مسؤولي مؤسسات الثقافة الخاملين إلى التخلص من وهم «شماعة شح المال الثقافي» والخروج من برمجتها المتبلدة.. المتلقي اليوم لم يعد قابلاً لاستقبال التبريرات المعلبة والتسليم بها.. بدلاً من طرح «سياسات التقشف» وهو أحدث مسميات شماعة الخاملين.. وبهذا يُصنع الفرق ويتحقق التحول الثقافي والفني الوطني الجاد والحقيقي لا مجرد الكلام فقط.