سمعتُ من عدد من المفكرين في العالم العربي أحدهم -رضوان السيد- قال لي (بتصرف): أن المشهد الثقافي في السعودية بدأ ينهض و يقوى في الطرح والجدل الفكري، وغيره كمحمد المصباحي الذي نبهني على تحول القيادة الثقافية في العالم العربي من العراق سابقًا ثم المغرب إلى السعودية حاليًا؛ حينها كنتُ أحكي لهم موقفا حصل على عيني في معرض الكتاب الدولي حين اشترى رجلٌ مجموعة من الكتب قاربت الخمسمائة ريال فأراد البائع أن يعيد له المتبقي فقال: أعطني بها كتبًا؛ فأشار إليه أن يأخذ ما يشاء؛ فقال له : (اعطيني على ذوقك)، و إذ يحكي لي أحد ملّاك دور النشر بأن معرض الكتاب في الرياض هو الأعلى مبيعًا على مستوى العالم العربي، و حينما أبحث في النتاج الفكري للمشهد الثقافي في السعودية فإني أشكك في ريادة المشهد الثقافي في السعودية للعالم العربي، لأن محور القوة الفكرية هنا تكمن في النتاج الفكري من بحوث وكتب ومراكز بحثية تقنعنا بهذه الريادة
وإلا فإنها تتأرجح بين المجاملة و عدم التدقيق.
فهل يعني هذا أننا في مؤخرة الطرح الفكري في العالم العربي؟!
لا أعتقد هذا؛ بل إني أزعم أن هناك العديد من المشاريع الفكرية اللا رسمية تحاول أن تقنعنا بالتطور الفكري في المشهد الثقافي في السعودية؛ ومنها إجمالاً: مواقع إلكترونية تعنى بالفكروالترجمة كموقع (حكمة) وموقع (أعواد قش) و(مركز نماء)، وهناك العديد من البرامج الحوارية في اليوتيوب مثل: برنامج (تواصل) و (ديوانية الدغيلبي) ، و (السبتية) و(المركاز) بعضها مستمر وبعضها متوقف حاليا، و هناك العديد من دور النشر التي قدمت نتاجًا مهمًا في الفكر العربي كـ (دار جداول) و (الشبكة العربية للأبحاث) و (مركز نماء) و (دار البيان)؛ وهذا على سبيل الإجمال لا الحصر. و الناظم لهذه البرامج هو كونها غير رسمية بمعنى أنها مجتمعية تقوم على الاجتهاد الذاتي للمثقف في السعودية، ولعل تنوع هذه البرامج الثقافية فكريًا هو دليل صحة فكرية يحيلنا إلى الجدلية الفكرية التي تُنضج الفكر الإنساني عمومًا و العربي خصوصًا.
و بزعمي أننا في مرحلة فكرية صحية جدًا عاشت مخاضًا سينتج عنه طرح أكثر عمقا في مرحلتنا القادمة؛ بيْد أن ما ينقص المشهد الثقافي في السعودية هو الخروج من الثنائية الفكرية وكذلك الارتباط بالطرح الفلسفي والمنطقي في البحث والنتاج الفكري؛ و هذا كفيل بأن يمنح مشهدنا الثقافي المزيد من العمق و الاتساع .
- صالح بن سالم