موضي الزهراني
قال الله تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا...} (الإسراء 7)، فالإحسان والإساءة لا تكون إلا من الإنسان للإنسان، أومن الإنسان لكل المخلوقات الأخرى في الطبيعة. أما الله سبحانه فلا يخضع للإحسان ولا للإساءة، وإنما يعبد طاعة ومعصية. فالذنوب بدون سيئات تكون مع الله وهي قابلة للمغفرة كما في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا...} (الزمر 53)، فالحسنات عديدة كمثل الإحسان إلى المكان والمحافظة على نظافته، الإحسان إلى الحيوان ومعاملته برفق، الإحسان إلى الطبيعة والمحافظة عليها من التلوث، والإحسان إلى النفس بالمحافظة على الجسد بالرعاية الصحية، والمحافظة على النفس بالتقوى الفردية التي تكون في الطاعات التي تُكفر السيئات، ثم الإحسان إلى الوطن وهذا من الحسنات المهمة جداً حيث تقوم على التصدي لمن يعتدي عليه والاهتمام بأمنه واستقراره، ويكون لديه غيرة على وطنه الأم! جميع هذه الحسنات مرصودة عند رب العالمين لكن ميزانها غير متساو مع ميزان السيئات كما في قوله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (الأنعام 160)! وبالرغم أن الحسنات يذهبن السيئات لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود 114)، إلا أن ما يحدث على الساحة البشرية من إساءات للبشر فيما بينهم أحداث دموية لا تمت للبشرية أو الدين الإسلامي بصلة، وأساءت ليس للدين الإسلامي فقط، ولا بتوجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية، بل أساءت للبشر جميعهم خاصة «الآمنين في أوطانهم» فهناك من يقتل ويُفجَر ويدهسَ البشر بسهولة راجياً الدخول للجنة والفوز بحور العين! ويقوم بتصوير شريط فيديو أو على مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق هدفه من هذا الجُرم الشنيع الذي قام به وخاصة قتل الأنفس البريئة بغض النظر عن ديانتها! فمن تعاليم الإسلام {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ} فقتل النفس بغير حق إن كان عمداً، فهو ذنب وسيئة غير قابل للمغفرة والتكفير! فكيف إذا كانا والديه {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} حيث أن عقوق الوالدين وعدم الإحسان إليهما ذنب فيه إساءة لهما، لكنه قابل للصلاح والمغفرة والتكفير «لكن إذا صاحبهما تعذيب وقتل» فهذا بلا شك من أعظم الذنوب التي لا تغتفر عند رب العالمين! فهذه السيئات التي تصدر بمن أسموا أنفسهم «الجهاديين» ما هي الحسنات التي ستلغيها! فالأحداث التي توالت علينا من شهر رمضان إلى هذا الشهر لدليل قوي على أن الفهم الخاطئ للجهاد من أجل حماية الدين والوطن تجاوز الحوار المنطقي والإقناع بالأدلة الملموسة والمحسوسة حتى تجاوز خط الأمان ودخل إلى دائرة إزهاق الأرواح البريئة بسهولة من خلال تفجير «الجسد المُجاهد» بحزام ناسف في لمحات البصر!